النبوة وهي معصومة والمحدث تارة يتلقى عنها وتارة عن قلبه وهو غير معصوم ولهذا كان عمر يزن الوارد بميزان الشرع فإن وافق وإلا لم يلتفت إليه قال ابن حجر: وقد كثر هؤلاء المحدثون بعد العصر الأول وحكمته زيادة شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيها ومضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء فلما فات هذه الأمة المحمدية كثرة الأنبياء لكون نبيهم خاتم الأنبياء عوضوا تكثير الملهمين ومما تقدم عرف أنه ليس لأحد من الأولياء العمل بالوارد حتى يزنه بالميزان فإن وافق انتفع به هو ومن كاشفه به ممن يعتقد صدقة وزادهم إيمانا (تنبيه) قال الغزالي: قال بعض العارفين سألت بعض الأبدال عن مسألة من مشاهد النفس فالتفت إلى شماله وقال ما تقول رحمك الله ثم إلى يمينه كذلك ثم أطرق إلى صدره فقال ما تقول ثم أجاب فسألته عن التفاته فقال لم يكن عندي علم فسألت الملكين فكل قال لا أدري فسألت قلبي فحدثني بما أجبت فإذا هو أعلم منهما قال الغزالي: وكأن هذا معنى الحديث. (حم خ عن أبي هريرة حم م ت ن عن عائشة).
6098 - (قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما) من الأمراض كحقد وحسد وغيرهما (ولسانه صادقا) فيما يتكلم به فلا يقول إلا حقا (ونفسه مطمئنة) أي راضية بالأقضية الإلهية (وخليقته) أي طريقته (مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة) خص السمع والبصر لأن الآيات الدالة على وحدانية الله إما سمعية فالأذن هي التي تجعل القلب وعاء لها أو نظرية والعين هي التي تقرها في القلب وتجعله وعاء لها وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعى القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا اه. (حم) وكذا ابن لآل والبيهقي (عن أبي ذر) قال الهيثمي: إسناده حسن وقال المنذري: في إسناد أحمد احتمال للتحسين.
6099 - (قد أفلح من أسلم ورزق كفافا) أي ما يكف عن الحاجات، ويدفع الضرورات والفاقات، ولا يلحقه بأهل الترفهات. قال القاضي: الفلاح الفوز بالبغية (وقنعه الله بما آتاه) بمد الهمزة أي جعله قانعا بما أعطاه إياه ولم يطلب الزياد لمعرفته أن رزقه مقسوم لن يعدو ما قدر له والفلاح الفوز بالبغية في الدارين والحديث قد جمع بينهما والمراد بالرزق الحلال منه فإن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مدح المرزوق وأثبت له الفلاح وذكر الأمرين وقيد الثاني بقنع أي رزق كفافا وقنعه الله بالكفاف فلم يطلب الزيادة وأطلق الأول ليشمل جميع ما يتناوله الإسلام ذكره الطيبي وصاحب هذه الحالة معدود من الفقراء لأنه لا يترفه في طيبات الدنيا بل يجاهد نفسه في الصبر على