فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٥٦٠
(بي) أي صعد وفي رواية به على الالتفات (إلى السماء الدنيا) أي القربى منا وهي التي تلينا وننظرها ويقال لها الرفيع وفي خبر أحمد إنها موج مكفوف ولم يذكر الإسراء إلى بيت المقدس إما اختصارا من الراوي أو لأن هذه قصة أخرى ليس فيها إسراء بناء على تعدد المعراج (فلما جئنا إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء الدنيا افتح) أي بابها وهذا يفيد أنه كان مغلقا وحكمته إظهار أنه لم يفتح إلا له بخلاف ما لو وجده مفتوحا وفيه دليل على أن المعراج كان ببدنه وإلا لما استفتح (قال) الخازن (من هذا) الذي قال افتح (قال هذا جبريل) ولم يقل أنا لأن قائلها يقع في العنا (قال هل معك أحد قال نعم معي محمد) فيه إشارة إلى أنه إنما استفتح لكونه مع إنسان ولو انفرد لما طلب الفتح وإلى أن السماء محروسة لا يدخلها أحد إلا بإذن (قال فأرسل إليه) أي هل أرسل إليه للعروج رسولا والقول بأن معناه هل صار رسولا غير ظاهر لأن أمر نبوته ظاهر لا يخفى على الملائكة (قال نعم ففتح فلما) أي فتح لنا (فلما علونا السماء الدنيا فإذا) للمفاجأة وكذا أخواتها (رجل عن يمينه أسودة) قال الزمخشري: جمع سواد وهو الشخص والمراد هنا جماعة من بني آدم (وعن يساره أسودة) أشخاص أيضا (فإذا نظر قبل يمينه ضحك) سرورا وفرحا (وإذا نظر قبل شماله بكى) حزنا وغما (فقال) أي فسلمت عليه فقال (مرحبا) أي لقيت رحبا وسعة فاستأنس ولا تستوحش كلمة تقال لتؤنس القادم قال التوربشتي: مر وسلم على الأنبياء وإن كان أفضلهم لأنهم كانوا غائبين عنه وكان في حكم القائم وهم في حكم القعود والقائم يسلم على القاعد (بالنبي الصالح والابن الصالح) اقتصر هو ومن يجئ على الصلاح لأنه صفة تشمل كمال الخير ولذا كررها كل منهم عند كل صفة والصالح القائم بما لزمه من حقوق الحق والخلق ونص على نبوته افتخارا به وخاطبوه بها لا بالرسالة مع كونها أشرف لأن معه جبريل وهو موصوف بالرسالة فلو قيل مرحبا بالرسول ربما التبس (قلت يا جبريل من هذا قال هذا آدم) أبو البشر (وهذه الأسودة التي عن يمينه وشماله نسم بنيه) أي أرواحهم والنسم بفتح النون والسين مهملة جمع نسمة بفتحها وروي بشين معجمة والأول أصح (فأهل اليمين أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى) ولا يلزم من ذلك أن تكون أرواح الكفار في السماء لأن الجنة في جهته عن يمينه والنار في شماله فالرائي في السماء والمرئي في غيرها (ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية فقال لخازنها افتح فقال خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا ففتح
(٥٦٠)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الحزن (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»
الفهرست