فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٥٤٨
القسوة والجهل ومحبة الفساد وضرر العباد ولما علم الله منه ذلك أمر الخضر بقتله فقتله من باب دفع الضرر كقتل الحيات والسباع العادية لا من باب القتل المترتب على التكليف ولا إشكال فيه على أصول أهل السنة فإنه تعالى الفعال لما يريد لا وجوب عليه وفيه بيان حكمة فعل الخضر فكأنه خرج مخرج الاعتذار عنه. (م د ت عن أبي) بن كعب ورواه عنه الطيالسي وغيره.
5822 - (الغيبة ذكرك) بلفظ أو كتابة أو رمز أو إشارة أو محاكاة (أخاك) في الدين في غيبته (بما) أي بالشئ الذي (يكره) لو بلغه في دينه أو دنياه أو خلقه أو خلقه أو أهله أو خادمه أو ماله أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكره بلفظ أو إشارة أو رمز كما في الأذكار عن الحجة بل أو بالقلب قال: وممن يستعمل التعريض في ذلك كثير من الفقهاء في التصانيف وغيرها كقولهم قال بعض من يدعي العلم أو بعض من ينسب للصلاح ونحو ذلك مما يفهم السامع المراد به ومنه قولهم عند ذكره الله يعافينا أو يتوب علينا أو نسأله السلامة فكل ذلك من الغيبة قال الغزالي:
وإياك وغيبة القراء المرائين وهي أن تفهم المقصود من غير تصريح فتقول أصلحه الله وقد ساءني وغمني ما جرى عليه فنسأل الله أن يصلحنا وإياه فإن هذا جمع بين خبيثين الغيبة إذ به حصل التفهيم والآخر تزكية النفس والثناء عليها بالتحرج والصلاح وإن كان قصدك الدعاء له بالصلاح فادع له سرا وإن اغتممت له فعلامته أن لا تريد فضيحته فيحرم، وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقوله؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته، وعلم منه أن ذكره بما يكره غيبة وإن كان صدقا كما ذكره الغزالي. (د) في الأدب (عن أبي هريرة) قضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول بل رواه مسلم في البر والصلة ولفظه أتدرون ما الغيبة قالوا: الله ورسوله أعلم قال: ذكرك أخاك بما يكره ورواه الترمذي في البر والنسائي في التفسير فاقتصاره على أبي داود تقصير.
5823 - (الغيبة تنقض الوضوء والصلاة) تمسك بظاهره قوم من المتنسكين والعباد فأوجبوا الوضوء من النطق المحرم وبالغ بعضهم فقال: إذا خطر في القلب خاطر غير الله فهو حدث يتوضأ منه وهذا غلو لا يوافق عليه الجمهور والحديث عندهم خرج مخرج الزجر عن الغيبة.
(تتمة) حكى في علم الهدى عن بعضهم أنه رأى سائلا عليه عباءة وبيده ركوة فقال: إني إنسان أقصد الورع ولا آكل إلا ما يلقيه الناس، ربما آخذ قشرة شئ فربما سبقني النمل فهل علي شئ في تناوله قال: فقلت في نفسي ما على وجه الأرض من يتورع مثل هذا كالمنكر عليه فنظرت فإذا الرجل واقف على أرض من فضة صافية فقال لي: الغيبة حرام، وغاب عن بصري. (فر عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أبو نعيم وعنه تلقاه الديلمي فإهمال المصنف للأصل واقتصاره على الفرع غير مرضي.
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»
الفهرست