فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٤٥
4459 - (رغم) بكسر الغين وتفتح أي لصق أنفه بالتراب وهو كناية عن حصول غاية الذل والهوان (أنف الرجل) يعني إنسان وذكر الرجل وصف طردي وكذا يقال فيما بعده (ذكرت عنده) بالبناء للمفعول (فلم يصل علي) أي لحقه ذل وخزي مجازاة له على ترك تعظيمي أو خاب وخسر من قدر أن ينطق بأربع كلمات توجبه لنفسه عشر صلوات من الله ورفع عشر درجات وحط عشر خطيئات فلم يفعل لأن الصلاة عليه عبارة عن تعظيمه فمن عظمه عظمه الله ومن لم يعظمه أهانه الله وحقر شأنه قال الطيبي: والفاء استبعادية كهي في قوله تعالى * (فأعرض عنها) * والمعنى بعيد من العاقل أن يتمكن من إجراء كلمات معدودة على لسانه فيفوز بما ذكر فلم يغتنمه حتى يموت فحقيق أن يذله الله اه‍. ورد بأن جعلها للتعقيب أولى ليفيد ذم التراخي عن تعقيب الصلاة عليه بذكره (ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له) أي رغم أنف من علم أنه لو كف نفسه عن الشهوات شهرا في كل سنة وأتى بما وظف له فيه من صيام وقيام غفر له ما سلف من الذنوب فقصر ولم يفعل حتى انسلخ الشهر ومضى فمن وجد فرصة عظيمة بأن قام فيه إيمانا واحتسابا عظمه الله ومن لم يعظمه حقره الله وأهانه (ورغم أنف رجل) أي إنه مدعو عليه أو مخبر عنه بلزوم ذل وصغار لا يطاق (أدرك عنده أبواه الكبر) قيد به مع أن خدمة الأبوين ينبغي المحافظة عليها في كل زمن لشدة احتياجهما إلى البر والخدمة في تلك الحالة (فلم يدخلاه الجنة) لعقوقه لهما وتقصيره في حقهما وهو إسناد مجازي يعني ذل وخسر من أدرك أبويه أو أحدهما في كبر السن ولم يسع في تحصيل مآربه والقيام بخدمته فيستوجب الجنة جعل دخول الجنة بما يلابس الأبوين وما هو بسببهما بمنزلة ما هو بفعلهما ومسبب عنهما وتعظيمهما مستلزم لتعظيم الله ولذلك قرن تعالى الإحسان إليهما وبرهما بتوحيده وعبادته فمن لم يغتنم الإحسان إليهما سيما حال كبرهما فجدير بأن يهان ويحقر شأنه. (ت) في الدعوات (ك) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه وقال الحاكم:
صحيح قال ابن حجر: وله شواهد.
4460 - (رغم أنفه) بالكسر أي لصق بالرغام أي التراب هذا أصله ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف من الظالم وقال القاضي: يستعمل رغم مجازا بمعنى كره من باب إطلاق اسم السبب على المسبب (ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه) كرره ثلاثا لزيادة التنفير والتحذير (من أدرك أبويه عنده الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة) يعني لم يخدمهما حتى يدخل الجنة بسببهما قال بعضهم: والنبي رؤوف رحيم أرسل رحمة للعالمين فدعاؤه هنا على من آمن ببعد الرحمة لعله فيمن اشتغل بشهواته عن
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست