فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٤٣٨
السماء) بمعنى أن أهل السماء وهم الملائكة يثنون عليك فيما بينهم لسبب لزومك لتلاوته (واخزن لسانك) أي صنه واحفظه عن النطق (إلا من خير) كذكر ودعاء وتعلم علم وتعليمه وغير ذلك (فإنك بذلك) أي بملازمة فعل ما ذكر (تغلب الشيطان) إبليس وحزبه قال العلائي: هذا من جوامع الكلم فقد جمع في هذه الوصية بين خيري الدنيا والآخرة (تنبيه) قال ابن حجر: المراد بالذكر الألفاظ التي ورد الترغيب في قولها كسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وما ألحق بها كالحوقلة والبسملة والحسبلة والاستغفار والدعاء بخير الدارين ويطلق الذكر ويراد به المواظبة على الواجب والمندوب ثم الذكر يقع باللسان ويؤجر عليه الناطق ولا يشترط استحضار معناه بل أن لا يقصد غير معناه فإن انضاف له استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله فهو من أبلغ الكمال قال الإمام الرازي: المراد بذكر اللسان اللفظ الدال على التسبيح والتحميد، وبالذكر بالقلب التفكر في أدلة الذات والصفات وأدلة التكاليف من أمر ونهي حتى يطلع على أحكامها في أسرار المخلوقات، والذكر بالجوارح أن تصير مستغرقة بالطاعة. (ابن الضريس ع عن أبي سعيد) الخدري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني فذكره. قال الهيثمي:
وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس وقد وثق وبقية رجاله ثقات.
5496 - (عليك بتقوى الله عز وجل ما استطعت) أي مدة دوامك مطيقا وذلك بتوفر الشروط والأسباب كالقدرة على الفعل ونحوها وهذا من جوامع الكلم إذ هو قول أديب متأدب بآداب الله مقتديا بقوله * (فاتقوا الله ما استطعتم) * أي على قدر الطاقة البشرية فإنك لا تطيق أن تتقيه حق تقاته (واذكر الله عند كل حجر وشجر) أشار بالشجر إلى الحضر وبالحجر إلى السفر أي اذكره حضرا وسفرا ويمكن أن المراد في الشدة والرخاء والحجر عبارة عن الجدب حال الشدة (وإذا عملت سيئة فأحدث عندها توبة) أشار إلى عجز البشرية وضعفها كأنه قال إنك إن توقيت الشر جهدك لا تسلم منه فعليك بالتوبة إلى ربك والرجوع إليه حسب الإمكان (السر بالسر والعلانية بالعلانية) أخبر أن الشر الذي يعمل ضربين: سرا وجهرا، فالسر فعل القلب والعلانية فعل الجوارح فيقابل كل شئ بمثله. (حم في) كتاب (الزهد طب) من رواية عطاء (عن معاذ) بن جبل قال: قلت يا رسول الله أوصني فذكره. قال المنذري: إسناده حسن لكن عطاء لم يلق معاذا ورواه البيهقي فأدخل بينهما رجلا لم يسم، وقال الهيثمي: إسناده حسن.
5497 - (عليك بحسن الخلق) بالضم أي ألزمه (فإن أحسن الناس خلقا أحسنهم دينا) كما مر
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست