4437 - (رحم الله يوسف) النبي (إن كان لذا أناة حليما لو كنت أنا المحبوس) ولبثت في السجن هذه اللبثة (ثم أرسل إلي لخرجت سريعا) مبادرة إلى الخلاص والاستراحة منه ولم أقل * (ارجع إلى ربك) * الآية وهذا قاله تواضعا ورفعة لشأن يوسف وإيثارا لإخباره بكمال فضيلته وحسن نظره في بيان نزاهته وحمدا لصبره وترك عجلته وتنبيها على أن الأنبياء وإن كانوا من الله بمكان لا يرام فهم بشر يطرأ عليهم من الأحوال ما يطرأ على غيرهم فلا يعد ذلك نقصا. (ابن جرير) المجتهد المطلق المجمع على أمانته وجلاله في التهذيب (وابن مردويه) في التفسير (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه.
4438 - (رحم الله أخي يوسف لو أنا) كنت محبوسا تلك المدة (وأتاني الرسول) يدعوني إلى الملك (بعد طول الحبس لأسرعت الإجابة) أي إجابة رسول الملك الذي أخبر الله عنه بقوله * (فلما جاءه الرسول) * (حين قال له ارجع إلى ربك) أي سيدك (فاسأله ما بال النسوة) إلى آخر الآية وهذا من حسن تواضعه وثنائه على يوسف كما تقرر لا أنه كان عليه إثم أو تقصير لو كان محل يوسف عليه السلام لخرج مع الرسول وإنما أراد لم يكن يستثقل محنة الله فيعجل بل كان صابرا محتسبا مع طول أمد الحبس عليه. قال في الكشاف: إنما تأتي وتثبت في إجابة الملك وقدم سؤال النسوة ليظهر براءة ساحته عما سجن فيه لئلا يتسلق له الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده ويجعلونه سلما إلى حط منزلته لديه ولئلا يقولوا ما خلد في الحبس سبع سنين إلا لأمر عظيم وجرم كبير فإن قيل: إنما ذكر المصطفى هذا على جهة المدح ليوسف فما باله يذهب بنفسه عن حالة قد مدح بها غيره قلنا: إنما أخذ لنفسه وجها آخر من أن الرأي وجه آخر أي لو كنت أنا لبادرت الخروج ثم حاولت بيان عذري بعد ذلك وذلك أن هذه النقيصة والنوازل إنما هي معرضة ليقتدي الناس بها إلى يوم القيامة فأراد عليه السلام حمل الناس على الأحزم من الأمور دون التعمق في مثل هذه النازلة التارك فرصة الخروج من ذلك السجن بما يفتح له ذلك من البقاء في سجنه وإن كان يوسف أمن من ذلك بعلمه من الله فغيره من الناس لا يأمن ذلك وقال بعضهم: خاف يوسف أن يخرج من السجن فيناله من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحا فيراه الناس بتلك المنزلة ويقولون هذا الذي راود امرأة مولاه فأراد بيان براءته وتحقيق منزلته. (حم في) كتاب (الزهد وابن المنذر عن الحسن) البصري (مرسلا).