فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٩
بإلهام من الله تعالى (للصادق صدق وبر) في أقواله (ويقال للكاذب كذب وفجر) فيصير ذلك كالعلم عليه وذلك يحمل من له أدنى عقل على الرغبة في الأول والتحرز عن التساهل في الثاني (ألا وإن العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذابا) أي يحكم له بذلك ويستحق الوصف به والعقاب عليه والمراد أن دواعي الكذب قد ترادفت فيه حتى ألفها فصار الكذب له عادة ونفسه إليه منقادة حتى لو رام مجانبة الكذب عسر عليه فطامه وحينئذ يكتب عند الله كذابا، وكرر حرف التنبيه زيادة في تقريع القلوب بهذه المواعظ وأن كل كلمة من هذه الكلمات حقيقة بأن يتنبه المخاطب بها ويلقي لها سمعا واعيا وقلبا مراعيا (ه عن ابن مسعود) قال الزين العراقي إسناده جيد.
2607 (إنما يبعث الناس) من قبورهم (على نياتهم) فمن مات على شئ بعث عليه إن خيرا فخير وإن شرا فشر. فيه أن الأمور بمقاصدها وهي قاعدة عظيمة مفرع عليها من الأحكام ما لا يخفى وفي رواية إنما يحشر الناس على نياتهم وفي رواية لابن ماجة أيضا بدون إنما.
(ه عن أبي هريرة) قال المنذري إسناده حسن وقال الزين العراقي إسناد أحد روايتي ابن ماجة حسن.
2608 (إنما يبعث المقتتلون على النيات) أي إنما يؤتون يوم القيامة على نياتهم أي قصودهم التي كانوا عليها في الدنيا فيجازون على طبقها وتجري أعمالهم على حكمها قال الغزالي: فمن عزم ليلا على أن يصبح ويقتل مسلما أو يزني بامرأة فمات تلك الليلة مات مصرا ويحشر على نيته وقد هم بسيئة ولم يعملها فكيف يظن أن الله لا يؤاخذ بالنية والهم (ابن عساكر) في التاريخ (عن عمر) بن الخطاب وفيه عمرو بن شمر قال في الميزان عن الجوزجاني كذاب وعن ابن حبان رافضي يروي الموضوعات وعن البخاري منكر الحديث ثم ساق له مناكير هذا منها وعمرو هذا واه وجابر الجعفي قد ضعفوه وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه أبو يعلى والطبراني باللفظ المزبور قال الهيثمي: وفيه جابر الجعفي ضعيف وقال الحافظ:
رواه ابن أبي الدنيا باللفظ المزبور عن ابن عمر رضي الله عنه وسنده ضعيف ورويناه في فوائد تمام بلفظ إنما يبعث المسلمون على النيات وفيه ليث بن أبي سليم وفيه خلف.
2609 (إنما يسلط الله تعالى على ابن آدم من يخافه ابن آدم ولو أن ابن آدم يخف غير الله لم
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست