فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ١٠
يسلط الله عليه أحدا) من خلقه فيؤذيه (وإنما وكل) بالبناء للمفعول والتخفيف أي إنما فوض (ابن آدم) أي أمره (لمن رجا ابن آدم) أي لمن أمل منه حصول نفع أو ضر (ولو أن ابن آدم لم يرج إلا الله) أي لم يؤمل نفعا ولا ضرا إلا منه (لم يكله الله إلى غيره) لكنه تردد وشك فأحس بالمكروه فإنه إذا شك انتفخت الرئة للجبن الذي حل بها وضاق الصدر حتى زجزج القلب عن محله فلما ضاق على القلب محله ضاق محله التدبير وهو الصدر فحصل الاضطراب والقلق والخوف ولو أشرق عليه نور اليقين لما تزحزح ولما زاد عند عروض المخوف إلا ثباتا واتساعا لكمال وثوقه بربه وجزمه بأن النفع والضرر ليس إلا منه لا من الأسباب فافهم (الحكيم) الترمذي (عن ابن عمر) بن الخطاب وسببه أنه مر في سفر بجمع على طريق فقال: ما شأنكم. قالوا: أسد قطع الطريق فنزل فأخذ بأذنه فنحاه عن الطريق ثم قال: ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما يسلط فذكره (فائدة) قال ابن عربي: أوحى الله إلى داود عليه السلام ابن لي بيتا يعني بيت المقدس فكلما بناه تهدم فأوحى الله إليه لا يقوم على يديك فإنك سفكت الدماء فقال: ما كان إلا في سبيلك فقال: صدقت ومع هذا أليسوا عبيدي وإنه يقوم على يد ولدك سليمان فكان.
2610 (إنما يدخل الجنة من يرجوها) لأن من لم يرجها قانط من رحمة الله والمقنط جاهل بالله وجهله به يبعده عن دار كرامته ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون (وإنما يجنب النار من يخافها) أي يخاف أن يعذبه ربه بها والله سبحانه وتعالى عند ظن عبده به (وإنما يرحم الله من يرحم) أي يرق قلبه على غيره لأن الجزاء من جنس العمل فمن لا يرحم لا يرحم (هب عن ابن عمر) بن الخطاب قال العلائي: إسناده حسن على شرط مسلم وأقول هذا غير مقبول ففيه سويد بن سعيد فإن كان الهروي فقد قال الذهبي: قال أحمد متروك وقال البخاري: عمي فلقي فتلقن وقال النسائي: غير ثقة وإن كان الدقاق فمنكر الحديث كما في الضعفاء للذهبي.
2611 (إنما يخرج الدجال) من دجل البعير طلاه بالقطران طليا كثيفا سمي به لستره الحق بباطله أو من دجل الشئ طلاه بالذهب موهه به لتمويهه على الناس أو من دجل في الأرض إذا ضرب فيها لكونه يطوفها كلها في أمد قليل أو من الدجل وهو الكذب وهو أعور كذاب (من غضبة) أي لأجل غضبة يتحلل بها سلاسله (يغضبها) قال الطيبي: قيل يغضبها في محل صفة غضبة والضمير للغضبة وهو في محل نصب على المصدر أي أنه يغضب غضبة فيخرج بسبب غضبه والقصد الإشعار بشدة غضبه
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست