فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٨
الأمد) بدال مهملة كذا هو بخط المصنف فمن جعلها براء فقد حرف (فتقسو قلوبكم) (ولا تكونوا كالذين أوتو الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم) * ومن ثم قال الحكيم بطول الأمل تقسو القلوب وبإخلاص النية تقل الذنوب وما أنصف من نفسه من أيقن بالحشر والحساب وزهد في الأجر والثواب وقال الغزالي: إذا أملت [ص 6] العيش الطويل شغل قلبك وضاع وقتك وكثر همك وغمك بلا فائدة ولا طائل ومن طال أمله لا يذكر الموت فمن لم يذكره فمن أين لقلبه الحرقة فإذا طولت أملك قلت طاعتك فإنك تقول سوف أفعل والأيام بين يدي وتأخرت توبتك واشتد حرصك وقسى قلبك وعظمت غفلتك عن الآخرة وذهبت والعياذ بالله آخرتك (ألا إن كل ما هو آت قريب وإنما البعيد ما ليس بآت) فكأنكم بالموت وقد حل بكم والساعة أدهى وأمر قال الطائي: من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن طال أمله ساء عمله وقال يحيى بن معاذ: الأمل قاطع عن كل خير والطمع مانع من كل حق والصبر صائر إلى كل ظفر والنفس داعية إلى كل شر ومن ثمرات طول الأمل ترك الطاعة والتكاسل فيها وترك التوبة وتسويفها والحرص على الجمع والاشتغال بالدنيا عن الآخرة مخافة الفقر والنسيان للآخرة (ألا إنما الشقي من شقي في بطن أمه) أي من قدر الله عليه في أصل خلقته كونه شقيا فشقي حقيقة لا من عرض له الشقاء بعد وهو إشارة لشقاء الآخرة لا الدنيا (والسعيد من وعظ بغيره ألا إن قتال المؤمن كفر) أي يؤدي إلى الكفر لشؤمه أو كفعل الكفار أو إن استحل والمراد كفر النعمة لا الجحود (وسبابه فسوق) أي سبه وشتمه خروج عن طاعة الله (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه) في الإسلام (فوق ثلاث) من الأيام إلا لمصلحة دينية كما دلت عليه أخبار وآثار (ألا وإياكم والكذب) أي احذروا الإخبار بخلاف الواقع (فإن الكذب لا يصلح لا بالجد ولا بالهزل) حيث كان لغير مصلحة شرعية كإصلاح بين الناس والكذب لغير ذلك جماع كل شر وأصل كل ذم لسوء عواقبه وخبث نتائجه لأنه نتيجة النميمة والنميمة نتيجة البغضاء تؤول إلى العداوة وليس مع العداوة أمن ولا راحة (ولا يعد الرجل صبيه) يعني طفله ذكرا أو أنثى فتخصيص الصبي غالبي (فلا يفي له) بل ينبغي أن يقف عند قوله عند وعده لولده * (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * وقوله فلا بالفاء هو ما رأيته في نسخ كثيرة فتبعتها ثم وقفت على نسخة المصنف بخطه فلم أره ذكره بالفاء (وإن الكذب يهدي إلى الفجور) أي يؤدي ويجر إلى الميل عن الاستقامة والانبعاث في المعاصي (وإن الفجور يهدي إلى النار) أي إلى دخول نار جهنم (وإن الصدق) أي قول الحق (يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة) يعني أن الصدق يهدي إلى العمل الصالح الخالص من كل مذمة وذلك سبب لدخول الجنة بفضل الله (وإنه يقال) أي بين الملأ الأعلى ويكتب في اللوح أو في الصحف أو على ألسنة الخلق
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست