حيث أوقع خروجه على الغضبة وهي المرة من الغضب ويحتمل جعله مفعولا مطلقا على رأي من يجوز كونه ضميرا (حم م) في الفتن (عن حفصة) بنت عمر استشهد عنها خنيس بن حذافة السهمي يوم أحد ماتت سنة إحدى وأربعين أو غيرها ولم يخرجه البخاري.
2612 (إنما يرحم الله من) بيانية (عباده الرحماء) بالنصب على أن ما في إنما كافة وبالرفع على أنها موصولة والرحماء جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة وقضيته أن رحمته تعالى تختص بمن اتصف بالرحمة الكاملة بخلاف من فيه رحمة ما. لكن قضية خبر أبي داود الراحمون يرحمهم الله شموله ورجحه البعض وإنما بولغ في الأول لأن ذكر لفظ الجلالة فيه دال على العظمة فناسب فيه التعظيم والمبالغة (فائدة) ذكر بعض العارفين من مشائخنا أن حجة الإسلام الغزالي رؤي في النوم فسئل ما فعل الله به فقال: أوقفني بين يديه وقال: بماذا جئت فذكرت أنواعا من العبادات فقال: ما قبلت منها شيئا ولكن غفرت لك هل تدري بماذا؟ جلست تكتب يوما فسقطت ذبابة على القلم فتركتها تشرب من الحبر رحمة لها فكما رحمتها رحمتك اذهب فقد غفرت لك (طب عن جرير) بن عبد الله وعزوه للطبراني كالصريح في أنه لم يره في شئ من الكتب الستة وهو غفول قبيح فقد عزاه هو نفسه في الدرر للشيخين معا من رواية حديث أسامة بن زيد وهو في كتاب الجنائز من البخاري ولفظه عن أسامة بن زيد قال:
أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم تقول: إن ابني قد احتضر فاشهدنا فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شئ عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال فرفع إليهم الصبي فأقعده في حجره ونفسه تقعقع ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول الله ما هذا قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده إنما يرحم الله من عباده الرحماء.
2613 (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل) لفظ رواية الخطيب ذو الفضل أي العلم والعمل لأن فضل العلم إنما يعرف بالعلم فلما عدم الجهال العلم الذي به يتوصلون إلى معرفته جهلوا فضله واسترذلوا أهله وتوهموا أن ما تميل إليه نفوسهم من الأموال المقتنيات والطرف المشتهيات أولى أن يكون إقبالهم عليها وأحرى أن يكون اشتغالهم بها قال ابن المعتز: العالم يعرف الجاهل لأنه كان جاهلا والجاهل لا يعرف العالم لأنه لم يكن عالما ولذلك انصرف الجهال عن العلم وأهله انصراف الزاهدين وانحرفوا عنه وعنهم الخراف المعاندين فإن من جهل شيئا عاداه والناقص لعدم الفضل لعجزه عن بلوغ فضلهم يريد ردهم إلى درجة نقصه لعزته بنفسه ذكره الماوردي وقال الإمام الرازي: ما لم يكن