فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٧٣٦
فيه خراش بن المهاجر ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات لكن قال المنذري: إسناده لا بأس به.
4284 (الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد) فإنه سبحانه حمى من أحبه واصطفاه عنها لئلا يتدنس بها ومنحها أعداءه ليشغلهم بها ويصرف وجوههم عنه ويطردهم عن بابه ويعمي قلوبهم ويصم أسماعهم * (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) * قال ابن عطاء الله: إنما لم يرض الدنيا لهم وجعل الدار الآخرة محلا لجزائهم لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم ولأنه أجل أقدارهم أن يجازيهم في دار لا بقاء لها (أبو عبد الرحمن السلمي) الصوفي (في) كتاب (الزهد عن عائشة) 4285 (الدنيا لا تصفو لمؤمن كيف) تصفو له (وهي سجنه وبلاؤه) قال ابن عطاء الله إنما جعلها الله محلا للأغيار ومعدنا لوجود البلاء والأكدار تزهيدا لك فيها فأذاقنك من ذواقها الأكدار فمن عرف ذلك ثم ركن فما هو إلا أسفه لخلق وأقلهم عقلا، آثر الخيال على الحقيقة والمنام على اليقظة والظل الزائل على النعيم الدائم وباع حياة الأبد في أرغد عيش بحياة عن ظل زائل وحال حائل.
" إن اللبيب بمثلها لا يخدع " فحق على كل عاقل يعلم أن الدنيا جمة المصائب كدرة المشارب تشمر للبرية أصناف البلية فيها مع كل لقمة غصة ومع كل جرعة شرقة فهي عدوة محبوبة كما قال أبو النواس:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في ثياب صديق وكما روى عن الحسن ما مثلنا مع الدنيا إلا كما قال كثير عزة أسيئ بنا أو أحسني لا ملومة * لدنيا ولا مقلبة إن تقلت فما أحد فيها إلا وفي كل حال غرض لأسهم ثلاثة: سهم بلية، وسهم رزية، وسهم منية.
كما قيل:
تناضله الآفاق من كل جانب * فتخطئه يوما ويوما تصبيه وقال حكيم: أسباب الحزن فقد محبوب أو فوت مطلوب ولا يسلم منهما إنسان لأن الثبات والدوام معدومان في عالم الكون والفساد فمن أحب أن يعيش هو وأهله وأحبابه فهو غافل وقال الحكماء: من قال لغيره صانك الله من نوب الأيام وصروف الزمان فإنه يدعو عليه بالموت فالإنسان لا
(٧٣٦)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الحزن (1)، الزهد (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 731 732 733 734 735 736 737 738 739 740 741 ... » »»
الفهرست