فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٧٣٢
الحق شيئا ويتوجه على كل قول من الأقوال الثلاثة أن هذا الحكم وإن كان ملائما لوضع الأفلاك والكواكب فيجوز إذا مرت بعد الآلاف أن يحدث قطع كالإنسان الذي يمكن بقاؤه لكل طبيعة من الطبائع الأربع التي فيه مدة من المدد والألفية مرت به قسمة بعضها انقطع عمره فلم يبلغ قسمة ما بقي منها فكذا يجوز مثله على عمر العالم والكواكب مختلفة الأحوال مختلفة القوى متفاوتة الأجرام فما الدليل على أن الذي يصيب كل كوكب أو كل برج ألف لا أقل ولا أكثر؟ فيتعين تفويض مدته إلى الله كما جاء به القرآن قال مغلطاي: وهذا الحديث لا مسكة فيه فقد ذكر ابن الأثير في منال الطلب أن ألفاظه مصنوعة ملفقة وهو متداول بين رواة الحديث وأئمته وذكر بعض الحفاظ أنه موضوع ولما ذكره أبو الفرج في العلل وصف بعض رواته بالوضع وقال الذهبي: قد جاءت النصوص في فناء هذه الدار وأهلها ونسف الجبال وذلك تواتره قطعي لا محيد عنه ولا يعلم متى ذلك إلا الله فمن زعم أنه يعلمه بحساب أو بشئ من علم الحرف أو بكشف أو بنحو ذلك فهو ضال مضل (طب والبيهقي في الدلائل) وكذا ابن لآل والديلمي (عن الضحاك بن زمل) الجهني تبع المصنف في تسميته الضحاك الطبراني ووافق الطبراني أبو نعيم قال ابن الأثير: أراهما ذهبا غير مذهب ولعلهما حفظا اسم الضحاك بن زمل فظناه ذاك والضحاك من أتباع التابعين قال ابن المديني: أما ابن زمل هذا فلا أعلمه تسمى في شئ من الروايات قال مغلطاي: وذكر العسكري وابن منده وابن حبان اسمه عبد الله ولما ذكر ابن حبان زملا في الصحابة قال: يقال له صحبة غير أني لا أعتمد على إسناد خبره وقال في الروض الأنف هذا الحديث وإن كان ضعيفا فقد روي موقوفا على ابن عباس من طرق صحاح وتعضده آثار اه‍. وقال ابن حجر هذا الحديث إنما هو عن ابن زمل وسنده ضعيف جدا وأخرجه ابن السبكي في الصحابة وقال إسناده مجهول وقال ابن الأثير: ألفاظه مصنوعة وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.
4279 (الدنيا كلها متاع) هي مع دناءتها إلى فناء وإنما خلق ما فيها لأن يستمتع به مع حقارته أمدا قليلا ثم ينقضي والمتاع ما ليس له بقاء قال في الكشاف: شبه الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغر حتى يشتريه ثم يتبين له فساده ورداءته وقال الحرالي: وعبر بلفظ المتاع إفهاما لخستها لكونه من أسماء الجيفة التي إنما هي مثال المضطر على شعوره برفضه عن قرب من مرتجي الفناء عنها وأصل المتاع انتفاع ممتد من قولهم ماتع أي مرتفع طويل قال في الكشاف: هو من متع النهار إذا طال ولهذا يستعمل في امتداد مشارق الأرض للزوال ومنه متاع المسافر والتمتع بالنساء ولهذا غلب استعماله في معرض التحقير سيما في القرآن (وخير متاعها المرأة الصالحة) قال الطيبي: المتاع من التمتع بالشئ وهو الانتفاع به وكل ما ينتفع به من عروض الدنيا متاع والظاهر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن الاستمتاعات الدنيوية كلها حقيرة ولا يؤبه بها وذلك أنه تعالى لما ذكر أصنافها وملاذها في آية * (زين للناس حب
(٧٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 727 728 729 730 731 732 733 734 735 736 737 ... » »»
الفهرست