فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٦٧٦
الدنس والكدر نال العبد المعرفة الموصلة له إلى ربه فإذا وصل القلب إلى الرب دان له فعندها أصاب الدين الذي يدين الله به ومن ثم قالوا: الدين في صفاء الأخلاق وطهارة القلب وإذا رزق العبد حسن الخلق كان القلب حرا من رق النفس فهان عليه التواضع والخشوع لأمر الله والرضى بحكمه والقنع بقسمه فمن ذلك الخلق يخرج الدين فكان كالوعاء فافهم. (تنبيه) المراد بالخلق الحسن في هذه الأخبار ونحوها ما يشمل الأمور المعنوية الصادرة عن الملكة النفسانية بسهولة من غير روية وقد جاء في أخبار وآثار تسمية بعض ما يصدر عنها من خلال الكمالات التي ليست ملكات أخلاقا ولا مانع من إطلاق الخلق مجازا على ما يصدر من تلك الملكة باعتبار كونه أثرها ومسببا عنها سيما مع شيوع إطلاق السبب على المسبب وعكسه واسم الأثر على المؤثر وعكسه ولذلك تراهم يسمون كل خصلة معنوية صادرة عن الملكة خلقا إما على المجاز أو الحقيقة العرفية والشرعية والاسم الجامع للشعب الإيمانية والكمالات القلبية هو الخلق الحسن (الحكيم) الترمذي (عن أنس) بن مالك لكنه لم يذكر له سندا بل علقه فإطلاق المصنف العزو إليه غير صواب.
4141 (الخمر أم الفواحش) أي التي تجمع كل خبيث وإذا قيل أم الخير فهي التي تجمع كل خير وإذا قيل أم الشر فهي التي تجمع كل شر (وأكبر الكبائر) أي من أكبرها كما مر نظيره غير مرة (من شربها) وسكر (وقع على أمه وخالته وعمته) أي جامع الواحدة منهن يظن أنها زوجته وهو لا يشعر ومن ثم جعلها الله مفتاح كل إثم كما جعل الغناء مفتاح الزنا وإطلاق النظر في الصور مفتاح العشق والكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان والمعاصي مفتاح الكفر والكذب مفتاح النفاق والحرص مفتاح البخل وهذه أمور لا يصدق بها إلا من له بصيرة صحيحة ولب يعرف به ما في نفسه وما في الوجود من خير وشر (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف انتهى. فرمز المؤلف لصحته غير سديد.
4142 (الخمر أم الفواحش) الأخروية والدنيوية لأنها تصدع وتكثر اللغو على شربها بل لا يطيل شرابها إلا باللغو وهي كريهة المذاق ورجس ومن عمل الشيطان توقع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتستر العقل الذي هو نور الهدى وآلة الرشد ألا ترى إلى حمزة رضي الله عنه لما زال عقله بها قال للمصطفى صلى الله عليه وسلم: هل أنتم إلا عبيد أبي أو آبائي فجعله عبدا لكافر قال ابن العربي وهذا قول إد وحديث إلى الكفر ممتد وعذره المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه لزوال عقله بما كان مباحا حينئذ ولو كان
(٦٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 671 672 673 674 675 676 677 678 679 680 681 ... » »»
الفهرست