زواله بمحرم ما عذره ثم استقر الأمر على تشديد التحريم (و) من ثم كانت (أكبر الكبائر) أي من أعظمها (ومن شرب الخمر) فسكر (ترك الصلاة ووقع على أمه وعمته وخالته) أي جامع الواحدة منهن وهو لا يميز بينها وبين حليلته أو الأجنبية ومن ثم حدوا السكران بأنه الذي لا يعرف السماء من الأرض ولا الطول من العرض ولا يفرق بين أمه وزوجته ومن قبائحها وفضائحها أنها تذهب الغيرة وتورث الخزي والفضيحة والندامة وتلحق شاربها بأحقر نوع الإنسان وهم المجانين وتسلبه أحسن الأسماء والصفات وتسهل قتل النفس ومؤاخاة الشياطين وهتك الأستار وإظهار الأسرار وتدل على العورات وتهون ارتكاب القبائح والجرائم وكم أهاجت من حرب وأفقرت من غنى وأذلت من عزيز ووضعت من شريف وسلبت من نعمة وجلبت من نقمة وفرقت بين رجل وزوجة فذهبت بقلبه وراحت بلبه وكم أورثت من حسرة وأجرت من عبرة وأوقعت في بلية وعجلت من منية وكم وكم ولو لم يكن من فواحشها إلا أنها تجتمع هي وخمر الجنة في جوف واحد لكفى وآفاتها لا تحصى وفضائحها لا تستقصى وفي هذا القدر كفاية (طب) وكذا الديلمي (عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: صحيح.
4143 (الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنب) بجرهما بدل من الشجرتين وبرفعهما خبر مبتدأ محذوف وأراد بالخمر هنا ما يخامر العقل ويزيله لأن الخمر اللغوي وهي التي من العنب لا يكون من النخلة والغرض من الحديث بيان حكم الخمر يعني تحريم الخمر من هاتين لا بيان حقيقتها اللغوية لأنه غير مبعوث لبيانها فتخصيص الجنسين لا يدل على نفي ما عداهما قال الطيبي: وقوله من هاتين بيان لحصولها منهما غالبا وليس للحصر لخلو التركيب عن أدائه وقال ابن العربي: هذا بيان من المصطفى صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ولم يكن عندهم مشروب إلا من هذين النوعين وكان عند غيرهم من كل مطعوم فعند قوم من بر وعند آخرين من ذرة وعند آخرين من أرز وغير ذلك فخاطب أولئك بقوله إن من الزبيب خمرا وإن من البر لخمرا وإن من الشعير لخمرا إلخ وقال القرطبي: هذا الحديث حجة للجمهور على تسمية ما يعصر من غير العنب بالخمر إذا أسكر ولا حجة فيه لأبي حنيفة حيث قصر الحكم بالتحريم على هاتين الشجرتين لأن جاء في أحاديث أخر ما يقتضي تحريم كل مسكر وإنما خص هنا الشجرتين بالذكر لأن أكثر الخمر منهما أو أعلى الخمر عند أهلها وهذا نحو قولهم المال الإبل أي معظمها وأعمها (حم م 4) في الأشربة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري ورواه مسلم أيضا بلفظ الخمر من هاتين الشجرتين الكرمة والنخل وفي رواية له الكرم والنخل.
4144 (الخمر أم الخبائث) أي تجتمع فيها وترجع كلها إليها لأنها تغطي العقل فتعمى بصيرته