ويختاروها لإحدى أربع خصال عدها واللائق بذوي المروءات وأرباب الديانات أن يكون الدين مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون سيما فيما يدوم أمره ويعظم خطره فلذلك حث المصطفى صلى الله عليه وسلم بآكد وجه وأبلغه فأمر بالظفر بذات الدين الذي هو غاية البغية ومنتهى الاختيار والطلب الدال على تضمن المطلوب لنعمة عظيمة وفائدة جليلة وقوله تربت وغير مرة أن أصله دعاء لكن يستعمل لمعان أخر كالمعاتبة والإنكار والتعجب وتعظيم الأمر والحث على الشئ وهو المراد أيضا هنا وقد استدل بهذا الخبر من اعتبر المال في الكفاءة وأجيب من لم يعتبره كالشافعية بأن معنى كونها تنكح لذلك أن الغالب في الأغراض ذلك (ق د ن ه) في النكاح (عن أبي هريرة) وعد جمع هذا الحديث من جوامع الكلم.
(1) لأنه أوقع الأمر بذلك بل ظاهره إباحة النكاح لقصد الدين أولى.
(2) وفي الحديث خير النساء من تسر إذا نظرت وتطيع إذا أمرت ولا تخالف في نفسها ومالها ويؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة لكنهم كرهوا ذات الجمال البارع فإنها تزهو بجمالها.
3373 (تهادوا تحابوا) قال ابن حجر تبعا للحاكم إن كان بالتشديد فمن المحبة وإن كان بالتخفيف فمن المحاباة ويشهد للأول خبر البيهقي تهادوا يزيد في القلب حبا وذلك لأن الهدية خلق من أخلاق الإسلام دلت عليه الأنبياء وحث عليه خلق وهم الأولياء تؤلف القلوب وتنفي سخائم الصدور قال الغزالي: وقبول الهدية سنة لكن الأولى ترك ما فيه منة فإن كان البعض تعظم منته دون البعض رد ما تعظم (ع عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه وليس كذلك فقد رواه النسائي في الكنى وسلطان المحدثين في الأدب المفرد قال الزين العراقي: والسند جيد وقال ابن حجر: سنده حسن.
3374 (تهادوا تحابوا وتصافحوا يذهب الغل) بكسر الغين المعجمة (عنكم) أي الحقد والشحناء لأن ابن آدم مقسوم عن ثلاثة أجزاء قلب بما فيه من الإيمان وروح بما فيه من طاعة الرحمن ونفس بما فيها من شهوة العصيان فالإيمان يدعو إلى الله والروح إلى الطاعة والنفس إلى البر والنوال فالقلوب تتآلف بالإيمان والروح بالطاعات وحظ النفس باق فإذا تهادوا تمت الألفة ولم يبق ثم حزازة.
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي هريرة).
3375 (تهادوا تزدادوا حبا) ندب إلى دوام المهاداة لتزايد المحبة بين المؤمنين فإن الشئ متى لم يزد دخله النقصان على مر الزمان ويحتمل تزدادوا حبا عند الله لمحبة بعضكم لبعض بقرينة خبر إن المتحابين في الله يظلهم الله تحت ظل عرشه (وهاجروا تورثوا أبناءكم مجدا) كانت الهجرة في الإسلام تجب من مكة إلى المدينة وبقي شرف الهجرة لأولاد المهاجرين بعد نسخها (وأقيلوا الكرام عثراتهم) أي