فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٤
قال الغزالي: ومن الأدوية النافعة في ذلك أن يتحقق أن فوات لذات الآخرة أشد وأعظم من فوات لذات الدنيا فإنها لا آخر لها ولا كدر فيها فلذات الدنيا سريعة الدثور وهي مشوبة بالمكدرات فما فيها لذة صافية عن كدر وفي الإقبال على الأعمال الأخروية والطاعات الربانية تلذذ بمناجاته تعالى واستراحة بمعرفته وطاعته وطول الأنس به ولو لم يكن للمطيع جزاء على عمله إلا ما يجده من حلاوة الطاعة وروح الأنس بمناجاته لكفى فكيف بما يضاف إليه من النعيم الأخروي لكن هذه اللذة لا تكون في الابتداء بل بعد مدة حتى يصير له الخير ديدنا كما كان السوء له ديدنا (طب) وكذا في الأوسط (عن أبي الدرداء) وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه محمد بن سعيد بن حسان المصلوب وهو كذاب اه‍. وكذا ذكره غيره.
3344 (تفقدوا نعالكم عند أبواب المساجد) إذا أردتم دخولها وإدخال النعال معكم فإن كان علق بها قذر فأميطوه لئلا يصيب شيئا من أجزاء المسجد فينجسه أو يقذره وتقذيره ولو بالطاهرات حرام. (حل عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال: لم نكتبه إلا من حديث أحمد بن صالح الشمومي انتهى.
وأحمد هذا قال في الميزان عن ابن حبان يضع الحديث وساق هذا الحديث من مناكيره.
3345 (تفكروا في كل شئ) استدلالا واعتبارا من التفكر وهو يد النفس التي تنال بها المعلومات كما تنال بيد الجسم المحسوسات قاله الحرالي وقال الراغب: الفكرة قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم وهو تخيل عقلي موجود في الإنسان والتفكر جولان تلك القوة بين الخواطر بحسب نظر العقل وقد يقال للتفكر الفكر وربما ضل الفكر وأخطأ ضلال الرائد وخطاه والتفكر لا يكون إلا فيما له ماهيته مما يصح أن يجعل له صورة في القلب مفهوما فلهذا قال (ولا تفكروا في ذات الله فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق (1) ذلك كله) قال الديلمي: وفي رواية لابن عباس زيادة وإن ملكا من حملة العرش يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله قد مرقت قدماه في الأرض السفلى ومرق رأسه من السماء السابعة العليا والخالق أعظم من المخلوق. قال الفخر الرازي: أشار بهذا الحديث إلى أن من أراد الوصول إلى كنه العظمة وهوية الجلال تحير وتردد بل عمي فإن نور جلال الإلهية يعمي أحداق العقول البشرية وذلك النظر بالكلية في المعرفة يوقع في الضلال والطرفان مذمومان والطريق القويم أن يخوض الإنسان البحث المعتدل ويترك التعمق ومن ثم سميت كلمة الشهادة كلمة العدل فإن قيل كيف أمر الله بالعدل في بحر التوحيد وقد قال * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) فمن عجز عن العدل فيهن كيف يقدر على العدل في معرفته قلنا أظهر
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»
الفهرست