فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٥
عجزك في الضعيف وأقدرك على الشريف لتعرف أن الكل منه (أبو الشيخ [ابن حبان] [ابن حبان]) الأصبهاني (في العظمة) أي في كتاب العظمة (عن ابن عباس).
(1) [" وهو فوق ذلك ": " فوقية " منزهة عن صفات الأجسام، فهي لا تزيده من الأرض بعدا ولا من السماء قربا، كما في قواعد العقائد لحجة الإسلام الإمام الغزالي. دار الحديث 3346 (تفكروا في الخلق) أي تأملوا في المخلوقات ودوران الفلك وارتفاع هذا السقف المرفوع بغير عمد ومجاري هذه البحار والأنهار فمن تحقق ذلك علم أن له صانعا ومدبرا لا يعزب عنه مثقال ذرة، وفي النصائح املأ عينيك من زينة هذه الكواكب وأجلهما في جملة هذه العجائب متفكرا في قدرة مقدرها متدبرا حكمة مدبرها قبل أن يسافر بك القدر ويحال بينك وبين النظر (ولا تفكروا في الخالق) فإن كل ما يخطر بالبال فهو بخلافه (فإنكم لا تقدرون قدره) أي لا تعرفونه حق معرفته لما له من الإحاطة بصفات الكمال ولما جبلتم عليه من النقص قال العارف ابن عطاء الله: الفكرة سير القلب في ميدان الأغيار، الفكرة سراج القلب فإذا ذهبت فلا إضاءة له، الفكرة فكرتان فكرة تصديق وإذعان وهي لأرباب الاعتبار المستدلين بالصفة على الصانع وبالمخلوق على الخالق أخذا من قوله سبحانه وتعالى (قل انظروا ماذا في السماوات) (سنريهم آياتنا في الآفاق) وفكرة أهل شهود وعيان وهم الذين عرفوا الصنعة بالصانع وشهدوا الخلق بالخالق استمدادا من قوله تعالى (أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد) (أبو الشيخ) في كتاب العظمة (عن ابن عباس) قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم على قوم ذات يوم وهم يتفكرون فقال: ما لكم لا تتكلمون فقالوا نتفكر في الله فذكره. 3347 (تفكروا في خلق الله) أي مخلوقاته التي يعرف العباد أصلها جملة لا تفصيلا كالسماوات بكواكبها وحركتها ودورانها في طلوعها وغروبها والأرض بما فيها من جبالها ومعادنها وأنهارها وبحارها وحيوانها ونباتها وما بينهما وهو الجو بغيومه وأمطاره ورعده وبرقه وصواعقه وما أشبه ذلك فلا تتحرك ذرة منه إلا ولله سبحانه ألوف من الحكمة فيه شاهدة له بالوحدانية دل على عظمته وكبريائه والتفصيل يطول والتفكر هو المخصوص بالقلب والمقصود من الخلق قال القاضي: وهذا دليل واضح على شرف علم الأصول وفضل أهله وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد ألا ترى إلى نصبه السماء ذات الطرائق ورفعه الفلك فوق رؤوس الخلائق وإجرائه الماء بلا سائق وإرساله الريح بلا عائق؟ فالسماوات تدل على نعته والفلك يدل على حسن صنعته والرياح نشر من
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست