فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٢١١
ولبس طاوس اليماني بردة بسبعين دينارا ولبس الشافعي حلة بألف دينار كساها له محمد بن الحسن لما ورد بغداد ومعلوم أن هؤلاء موصوفون بكمال الزهد فالجواب أنهم لم يفعلوه رغبة في الدنيا بل اتفاقا أو بيانا لامتهانهم إياها أو عملا برخصة الشارع أحيانا فإنه يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه وقد قال بعض العارفين: إذا أحكم العبد مقام الزهد لم يضره ما لبس وأكل (فائدة) أخبرنا والدي الشيخ تاج العارفين المناوي الشافعي قال: حدثنا الشيخ الصالح زين الدين معاذ قال: حدثنا شيخ الإسلام بقية المجتهدين الأعلام شرف الدين يحيى المناوي من حفظه ولفظه إملاء عن المحقق الحافظ أبي زرعة القرافي عن قاضي القضاة عز الدين بن جماعة عن أحمد بن عساكر عن زينب الشقرية عن علامة الإسلام أبي القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري لنفسه:
ليس السيادة أكماما مطرزة * ولا مراكب يجري فوقها الذهب وإنما هي أفعال مهذبة * ومكرمات يليها العقل والأدب وما أخو المجد إلا من بغى شرفا * يوما فهان عليه النفس والسلب وأفضل الناس حر ليس يغلبه * على الحجى شهوة فيه ولا غضب (ابن عساكر) في ترجمة أبي ذر (عن أبي ذر) وفيه موسى بن داود أورده الذهبي في الضعفاء وقال مجهول ويعقوب ابن إبراهيم لا يعرف عن يحيى بن سعيد عن رجل مجهول.
(1) أي بليغة عظيمة النفع لمن فتح الله قفل قلبه وجعل خليفته مستقيمة وأذنه سميعة.
(2) يحتمل أنه بالحاء المهملة أي تحملا عنهم مؤونة مواساته ويحتمل بالجيم أي تجملا في الملبس للتحدث بالنعمة.
3020 (أي إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا) أي لمثل نزول أحدكم قبره فليعد (1) وكان صلى الله عليه وسلم واقفا على شفير قبر وبكى حتى بل الثرى وإذا كان هذا حال ذاك الجناب الأفخم فكيف حال أمثالنا؟
والعجب كل العجب من غفلة من لحظاته معدودة وأنفاسه محدودة فمطايا الليل والنهار تسرع إليه ولا يتفكر إلى أن يحمل ويسار به أعظم من سير البريد ولا يدري إلى أي الدارين ينقل فإذا نزل به الموت قلق لخراب ذاته وذهاب لذاته لما سبق من جناياته وسلف من تفريطاته حيث لم يقدم لحياته وفيه ندب تذكير الغافل خصوصا الإخوان ومثلهم الأقارب لأن الغفلة من طبع البشر وينبغي للمرء أن يتفقد نفسه ومن يحبه بالتذكير، ولله در حسان رضي الله عنه حيث يقول:
تخير خليلا من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل (تتمة) حضر الحسن البصري جنازة امرأة الفرزدق وقد اعتم بعمامة سوداء أسدلها بين كتفيه واجتمع الناس عليه ينظرون إليه فجاء الفرزدق فقام بين يديه فقال: يا أبا سعيد يزعم الناس أنه اجتمع هنا خير الناس وشر الناس فقال: من خيرهم ومن شرهم قال: يزعمون أنك خيرهم وأني شرهم قال
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست