فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٢١٠
لأهله وتكون الزيارة (أحيانا) لا في كل وقت (ولا تكثر) منها لئلا تتعطل عن مهماتك الأخروية والدنيوية قال السبكي وزيارتها أقسام أحدها لمجرد رؤيتها بغير معرفة بأصحابها ولا قصد استغفار لهم ولا تبرك بهم ولا أداء حق لهم وهو مستحب لهذا الخبر، الثاني الدعاء لهم كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع وهو مستحب لكل ميت مسلم، الثالث للتبرك إذا كانوا صلحاء قال السار مساجي المالكي:
وذلك في غير قبر بني بدعة وفيه نظر، الرابع لأداء حقهم فمن له حق على إنسان يبره بزيارته ومنه زيارة النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فينبغي ذلك رحمة للميت ورقة وتأنيسا والآثار في انتفاع الموتى بزيارة الأحياء وإدراكهم لها لا تحصى (واغسل الموتى فإن معالجة جسد خاو) أي فارغ من الروح (عظة بليغة) وأعظم بها من عظة قال الذهبي: هو دواء للنفوس القاسية والطباع المتكبرة وقيل لبعض الزهاد: ما أبلغ العظات؟ قال: النظر إلى محلة الأموات وقال بعضهم: لنا من كل ميت نشاهده عظة بحاله وعبرة بماله والموعظة بفتح الميم الوعظ وهي التذكير بالعواقب وقال بعضهم: الموعظة التذكير بالله وتليين القلوب بالترغيب والترهيب (وصل على الجنائز) من عرفت منهم ومن لم تعرف (لعل ذلك يحزن قلبك فإن الحزين في ظل الله تعالى) أي في ظل عرشه أو تحت كنفه (معرض لكل خير وجالس المساكين) أي والفقراء إيناسا لهم وجبرا لخواطرهم (وسلم عليهم) أي ابتدئهم بالسلام (إذا لقيتهم) في الطرق وغيرها (وكل مع صاحب البلاء تواضعا لله تعالى) بمؤاكلته (وإيمانا به) أي تصديقا بأنه لا يصيبك من ذلك البلاء إلا ما قدر عليك في الأزل وأنه لا عدوى ولا طيرة وهذا خوطب به من قوي توكله كما خاطب بقوله فر من المجذوم من كان ضعيف التوكل فالتدافع مدفوع (والبس الخشن الضيق من الثياب) من نحو قميص وجبة وعمامة (لعل العز والكبرياء لا يكون لهما فيك مساغ وتزين أحيانا) بالملابس الحسنة (لعبادة ربك) كما في الجمعة والعيدين (فإن المؤمن كذلك يفعل) أي يلبس الخشن حتى إذا جاء موسم من المواسم الإسلامية أو اجتماع لعبادة تزين (تعففا) أي إظهارا للعفة على الناس (وتكرما) عليهم (وتجملا (2) بينهم حتى يدفع عنه سمة الفقر ورثاثة الهيئة (ولا تعذب شيئا مما خلق الله بالنار) فإنه لا يعذب بالنار إلا خالقها وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وهذا هو المقام الذي درج عليه جمهور الأولياء والعاقل من تبعهم في ذلك فإن قيل إن بعض الصحب كان يلبس الحلة بخمسمائة دينار
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست