فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٩
بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفاء وقال السقطي: اعتزل رجل للتعبد كان حريصا على طلب علم الظاهر فسألته فقال: قيل لي في النوم كيف تضيع العلم ضيعك الله فقلت: إني لا أحفظه قال: حفظه العمل به فتركت الطلب وأقبلت على العمل (حل) من حديث الحسين بن جعفر القتات عن حميد بن صالح عن فضيل عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه (عن أبي هريرة) ثم قال: لا أعلم أحدا رواه بهذا اللفظ إلا يحيى بن عبيد الله بن موهب المدني.
3018 (أي) بفتح الهمزة وتشديد الياء (عبد زار أخا له في الله (1) نودي) من قبل الله على لسان بعض ملائكته (أن طبت) في نفسك (وطابت لك الجنة ويقول الله عز وجل عبدي زارني علي قراه) أي علي ضيافته (ولن أرضى لعبدي بقرى دون الجنة) أضاف الزيارة إليه تعالى وإنما هي للعبد المزور العاجز حثا للخلق على المؤاخاة في الله والتزاور والتحابب فيه فأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ربه أن زيارة المؤمن لأخيه في الله تعالى عيادة لله من حيث أنها إنما فعلت لوجه الله فهو على المجاز والاستعارة فافهم (ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان عن أنس) (1) وفي العزيزي في بالفاء كما في كثير من النسخ.
3019 (أي) بفتح الهمزة وتخفيف الياء مقلوب يا، وهو حرف نداء ذكره أبو البقاء (أخي) ناداه نداء تعطف وشفقة ليكون أدعى إلى الامتثال والقبول * (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) * (إني موصيك بوصية (1) فاحفظها) عني (لعل الله أن ينفعك بها) أي باستحضارها والعمل بمضمونها (زر القبور) أي قبور المؤمنين لا سيما الصالحين (تذكر بها) أي بزيارتها أو مشاهدة القبور والاعتبار بحال أهلها (الآخرة) لأن من رأى مصارع من قبله وعلم أنه عما قريب صائر إليهم حركه ذلك لا محالة إلى تذكر الآخرة قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله بالليل؟ قال:
لا (بالنهار) لما في الليل من مزيد الاستيحاش ولعل هذا لغير الكاملين أما من أنسه ليس إلا بالله ووحشته ليست إلا من الناس فهما في حقه سيان بشهادة خروج المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى البقيع ليلا يستغفر
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست