فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٩
سبحانه منزه عن الجارحة (ت عن أبي هريرة) ورواه الطبراني عن عائشة قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح وقال الذهبي أخرجه الشيخان بمعناه.
1921 - (إن الله يقبل توبة العبد) أي رجوعه إليه (ما لم يغرغر) أي تصل روحه حلقومه فيكون بمنزلة الشئ الذي يتغرغر به لأنه لم يعاين ملك الموت ولم ييأس من الحياة فتصح توبته بشروطها، فإن وصل لذلك لم يعتد بها لقوله تعالى * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات) * [النساء: 18] الآية، ولأن من شرط التوبة العزم على ترك الذنب المكتوب عنه وعدم المعاودة عليه وذلك إنما يتحقق مع تمكن التائب منه وبقاء الأوان الاختياري ذكره القاضي وكما أن من وصل لتلك الحالة لا تقبل توبته لا ينفذ نصرته وجزم الطيبي كالمظهر بصحة إيصائه ووصيته وتحليله ممنوع منهما كيف وقد عاين ملك الموت وليس من الحياة ومعاينته اليأس مثل الغرغرة ولذلك لم ينفع فرعون إيمانه حينئذ (حم ت) في الدعوات (ه) في الزهد (حب ك) في التوبة (هب) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال المزي ووهم من قال ابن عمرو بن العاص اه‍. قال الترمذي حسن غريب ولم يبين لم لا يصح قال ابن القطان وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن ثابت وثقه أبو حاتم وقال أبو أحمد أحاديثه مناكير ونقل في الميزان تضعيفه عن ابن معين وتوثيقه عن غيره ثم أورد من مناكيره أخبارا هذا منها.
1922 - (إن الله تعالى يقول) يوم القيامة (لأهون) أي أسهل (أهل النار) وفي خبر سيجئ أنه أبو طالب (عذابا لو أن لك ما في الأرض من شئ) أي لو ثبت لأن لو تقتضي الفعل الماضي وإذا وقعت أن المفتوحة بعد لو وجب حذف الفعل لأن ما في أن من معنى التحقق والثبات منزل منزلة الفعل المحذوف (كنت تفتدي به) من النار وهو بالفاء من الافتداء وهو خلاص نفسه مما وقع فيه بدفع ما يملكه وهذا إلماح لقوله * (لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به) * [الرعد: 18] قال عبر بالماضي لتحقق الوقوع (نعم) أفعل ذلك قال الله تعالى (فقد سألتك ما هو أهون من هذا) أي أمرتك بما هو أهون عليك منه وإلا يكون الشئ واقعا على خلاف إرادته وهو محال وبما تقرر من أن الإرادة بمعنى الأمر يسقط احتجاج المعتزلة به زاعمين أن المعنى أردت منك التوحيد فخالفت مرادي قال الطيبي والإرادة هنا أخذ الميثاق في قوله سبحانه * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) * [الأعراف: 172] بقرينة قوله (وأنت في صلب) أبيك آدم عليه السلام حين أخذت الميثاق (أن) أي بأن (لا تشرك بي شيئا فأبيت) إذ أخرجتك إلى الدنيا (إلا الشرك) أي فامتنعت إلا أن تشرك بي من لا يستطيع لك ولا لنفسه نفعا ولا ضرا إشارة إلى قوله تعالى * (أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل) * [الأعراف:
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»