فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٨
عليه الصلاة والسلام لما أعجبه إسماعيل عليه السلام أمر بذبحه ونظر بعض الأولياء إلى شاب نظرة فإذا كف من الهوى قد لطمه وسقطت عينه وسمع صوتا لطمة بنظرة وإن زدت زدناك وذلك لعلو قدرهم عنده (حم ق) في التوبة (ت) في النكاح (عن أبي هريرة) إطلاقه عزو الحديث بجملته إلى الشيخين غير سديد قال الحافظ العراقي لم يقل البخاري والمؤمن يغار اه‍. قال الصدر المناوي أخرجه البخاري إلا قوله وأن المؤمن يغار وكذا الترمذي اه‍. وقال ابن حجر زاد مسلم أي على البخاري وأن المؤمن يغار.
1920 - (إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه) كناية عن حسن قبولها لأن الشئ المرضي يتلقى باليمين عادة، قال: ألم أك في يمنى يديك جعلتني * * فلا تجعلني بعدها في شمالكا ذكره القاضي وقال غيره ذكر اليمين لأنها عرفا لما عز والشمال لما هان والله تعالى منزه عن الجارحة وقيل المراد يمين الذي يدفع إليه الصدقة وأضيفت له تعالى لقصد الاختصاص أي أن الصدقة فيها لله تعالى (فيربيها لأحدكم) يعني يضعف أجرها أي يزيد في كميته عينها فيكون أثقل في الميزان (ه) كما يربي أحدكم تمثيل لزيادة التفهيم (مهره) صغير الخيل وفي رواية فلوه بفتح الفاء وضم اللام وشدة الواو ويقال بكسر فسكون مخففا وهو المهر وقيل كل عظيم من ذات حافر وفي رواية فصيله وذلك لأن دوام نظر الله إليها يكسوها نعت الكمال حتى ينتهي بالتضعيف إلى حال تقع المناسبة بينه وبين ما قدم نسبة ما بين المهر إلى الخيل وخصه بضرب المثل لأنه يزيد زيادة بينة ولأن الصدقة نتاج عمله ولأنه حينئذ يحتاج للتربية وصاحبه لا يزال يتعهده وإذا أحسن القيام به وأصلحه انتهى إلى حد الكمال وكذا عمل الآدمي سيما الصدفة التي يحاذيها الشيطان ويتشبث بها الهوى ويقتفيها الرياء فلا تكاد تخلص إلى الله إلا موسومة بنقائص لا يجبرها إلا نظر الرحمن فإذا تصدق العبد من كسب طيب مستعد للقبول فتح لها باب الرحمة فلا يزال نظر الله إليها يكسبها نعت الكمال ويوفيها حصة الثواب حتى تنتهي بالتضعيف إلى نصاب تقع المناسبة بينه وبين ما قدم من العمل وقوع المناسبة بين اللقمة كما أشار إليه بقوله (حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد) بضم الهمزة الجبل المعروف قال في الكشف هذا مثل ضرب لكون أصغر صغير يصير بالتربية أكبر كبير اه‍. والقول بأنه يعظم ذاتها حقيقة ليثقل في الميزان غير سديد ألا ترى إلى خبر البطاقة التي فيها الشهادة حيث توضع في الميزان فتثقل على سائر الأعمال فلا حاجة في الرجحان إلى تعظيم الذوات وخص التربية بالصدقة وإن كان غيرها من العبادات يزيد أيضا بقبوله رمزا إلى أن الصدقة فرضا كانت أو نفلا أحوج إلى تربية الله وزيادة الثواب ومشقتها على النفوس بسبب الشح وحب المال (تنبيه) قال ابن اللبان نسبة الأيدي إليه تعالى استعارة لحقائق أنوار علوية يظهر عنها تصرفه وبطشه بدءا وإعادة وتلك الأنوار متفاوتة في روح القرب وعلى حسب تفاوتها وسعة دوائرها تكون رتبة التخصيص لما ظهر عنها فنور الفضل باليمين ونور العدل باليد الأخرى وهو
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»