فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٩١
بشرط الأمانة وذلك لأن كلا منهما يسعى في نفع صاحبه والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه كما في خبر آخر (د) في البيع (ك) وصححه (عن أبي هريرة) سكت عليه أبو داود وصححه الحاكم وأعله ابن القطان بالجهل بحال سعيد بن حبان في الثقات لكن أعله ابن القطان بالإرسال فلم يذكر فيه أبا هريرة وقال إنه الصواب نقله ابن حجر ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن أبي هريرة نعم قال لم يسنده أحد إلا أبو همام الأهوازي وحده.
1925 - (إن الله تعالى يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي) أي تفرغ عن مهماتك لطاعتي ولا تشتغل باكتساب ما يزيد على قوتك وقوت ممونك فإنك إن اقتصرت على ما لا بد منه واشتغلت بعبادتي (أملأ صدرك) أي قلبك الذي في صدرك (غنى) وذلك هو الغني على الحقيقة لأن ما هنا فيمن يهتم بما زاد على كفاية نفسه وممونه على وجه الكفاية كما تقرر (وأسد) بسين مهملة (فقرك) يعني تفرغ عن مهماتك لعبادتي أقض مهماتك ومن قضى الله مهماته استغنى عن خلقه لأن الغني على الإطلاق وهو المعني بقوله أملأ صدرك غنى وبما تقرر من أن المأمور به التفرغ عن اكتساب ما يزيد على الكفاية علم أنه لا تدافع بينه وبين نحو خبر أعظم الناس هما الذي يهتم بأمر دنياه وآخرته (وإن لم تفعل) ذلك (ملأت يديك شغلا) بضم الشين وبضم الغين وتسكن للتخفيف وشغلت به بالبناء للمفعول تلهيت به وخص اليدين لأن مزاولة الاكتساب بهما (ولم أسد فقرك) أي وإن لم تتفرغ لذلك واشتغلت بغيري لم أسد فقرك لأن الخلق فقراء على الإطلاق فتزيد فقرا على فقرك وهو المراد بقوله ملأت يديك إلخ ذكره الطيبي قال العلائي أمر الله في هذا الخبر بالتفرغ لعبادته ومن جملة ذلك أن لا يكون في القلب شاغل عن الإقبال على طاعته وقد صرح المصطفى صلى الله عليه وسلم في غير ما خبر بأن الفراغ من النعم التي لا يليق إهمالها قال ابن عطاء الله فرغ قلبك من الأغبار يملأه من المعارف والأسرار ربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشوا بصور الآثار فارتحلت من حيث نزلت لا تستنبط منه النوال ولكن استنبط من نفسك وجود الإقبال وقال الخذلان كل الخذلان أن تتفرغ من الشواغل ثم لا تتوجه إليه ويقل عوائقك ثم لا ترحل إليه (حم ت د ك عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في كتاب الزهد نقله عن التوراة بهذا اللفظ ثم قال وروي مرفوعا ولا يصح انتهى وفيه عند الترمذي أبو خالد الوالبي عن أبيه وأبوه لا يعرف كما في المنار وزائد بن نشيط لا يعرف أيضا.
1926 - (إن الله تعالى يقول إذا أخذت كريمتي عبدي) أي أعميت عينيه يعني جارحيته الكريمتين عليه وكل شئ يكرم عليك فهو كريمك وكريمتك والإضافة للتشريف فيفيد أن الكلام في المؤمن وفي رواية عبدي المؤمن (في الدنيا لم يكن له جزاء عندي) يوم القيامة (إلا الجنة) أي دخولها مع
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»