فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٠
ابن حجر رحمه الله تعالى أبو فاطمة في الصحابة ثلاثة الأول الضمري الأزدي بصري روى عنه كثير بن مرة وغيره ولعله هذا والثاني الليثي بصري له صحبة وهذا أيضا يمكن أن يقال إنه المتقدم والثالث الأنصاري الذي قال له المصطفى صلى الله عليه وسلم عليك بالصوم لم يصح حديثه وليس هو هذا وروى الحاكم في المستدرك بلفظ إن الله ليبتلي عبده المؤمن بالسقم حتى يكفر ذلك عنه كل ذنب وقال على شرطهما وأقره الذهبي.
1792 - (إن الله تعالى ليتعاهد عبده المؤمن) أي المصدق بلسانه وقلبه (بالبلاء) فيصب عليه في الدنيا البلاء صبا ليصب عليه في الأخرى الأجر صبا والأمراض والمصائب في الظاهر نكبة وفي الباطن تحفة إبذ ذلك يرجع العبد إلى ربه ويتفكر أن هذا صنعه وتدبيره فهي هدايا من الله سبحانه والتعهد التحفظ بالشئ وتجديد العهد به والمراد هنا المراجعة والمعاودة مرة بعد أخرى (كما يتعاهد الوالد ولده بالخير) فيسلبه محبوبه العاجل الشاغل عنه ليصرف وجهه إليه ويحمله المكاره ليهرب منه إليه ويقبل بكلتيه عليه لأن الحبيب يحب مواجهة حبيبه ويفتح له المنهج إلى تقريبه (وإن الله ليحمي عبده) أضافه إليه للتشريف (المؤمن من الدنيا) أي يمنعه منها ويقيه أن يتلوث بدنسها كيلا يمرض قلبه بداء حبها وممارستها (كما يحمى المريض أهله الطعام) لئلا يزيد مرض بدنه بتناوله فهو إنما يحميه لعاقبة محمودة وأحوال سديدة مسعودة وما تقول في الوالد المشفق الغني إذا منع ولده رطبة أو تفاحة يأكلها وهو أرمد ويسلمه إلى معلم غليظ يابس ويحبسه طول النهار عنده ويضجره ويحمله إلى الحجام ليحجمه فيوجعه ويقلقه: أتراه فعل ذلك به لبخل أو هوان به أو قصد إيذاء له؟ لكن لما علم أن صلاحه فيه وأن بهذا التعب القليل يصل إلى خير كثير ونفع عظيم، وما تقول في الطبيب الحاذق المحب إذا منع المريض شربة ماء وهو ظمآن وسقاه شربة دواء كريه أقصده إيذاء بل هو نصح وإحسان لما علم أن في إعطائه شهوة ساعة هلاكه رأسا والغرض من التشبيه الواقع في هاتين الجملتين بيان كمال الاعتناء والشفقة والمحبة (هب وابن عساكر) في التاريخ في ترجمة ابن الأبيض (عن حذيفة) قال إن أقر أيامي لعيني يوم أرجع إلى أهلي فيشكون الحاجة والذي نفس حذيفة بيده سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه اليماني بن المغيرة قال الذهبي ضعفوه.
1793 - (إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن) من (الدنيا) أي يحفظه من مال الدنيا ومناصها ويبعده عما يضر بدينه منها (وهو يحبه) أي والحال أنه يحبه (كما تحمون مريضكم الطعام) أي من تناول الطعام (والشراب تخافون عليه) أي لكونكم تخافون عليه من تناول ما يؤذيه منها أي والحال أنكم تخافون عليه من ذلك، وذلك لأنه سبحانه وتعالى خلق عباده على أوصاف شتى فمنهم القوي
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»