والضعيف والوضيع والشريف فمن علم من قلبه قوة على حمل أعباء الفقر الذي هو أشد البلاء صبر على تجرع مرارته أفقره في الدنيا ليرفعه على الأغنياء في العقبى ومن علم ضعفه وعدم احتماله وأن الفقر ينسيه ربه صرفه عنه لأنه لا يحب أن عبده ينساه أو ينظر إلى من سواه، فسبحان الحكيم العليم (تتمة) قال في الحكم ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك، متى فتح لك باب الفهم في المنع عاد المنع هو عين العطاء، متى أعطاك أشهدك بره ومتى منعك أشهدك قهره فهو في كل ذلك متعرف إليك ومقبل بوجود لطفه عليك إنما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه (تنبيه) قال العارف الجيلاني للنفس حالان ولا ثالث لهما حال عافية وحال بلاء فإن كانت في بلاء فشأنها غالبا الجزع والشكوى والاعتراض والتهمة لله بغير صبر ولا رضى ولا موافقة بل محض سوء أدب وشرك بالخلق والأسباب وإن كانت في عافية ونعمة فالأشر والبطر واتباع الشهوات كلما نالت شهوة تبعت أخرى وتطلب أعلا منها وكلما أعطيت ما طلبت توقع صاحبها في تعب لا غاية له وشأنها إذا كانت بلاء لا تتمنى إلا كشفه وتنسى كل نعيم ولذة فإذا شفيت رجعت إلى رعونتها وأشرها وبطرها وإعراضها عن الطاعة وتنسى ما كانت فيه من البلاء فربما ردت إلى ما كانت فيه من البلاء عقوبة وذلك رحمة من الله بها ليكفها عن المخالفة فالبلاء أولى بها ولو أنها لم ترجع لرذائلها لكنها جهلت فلم تعلم ما فيه صلاحها (حم، عن محمود بن لبيد ك عن أبي سعيد) الخدري.
1794 - (إن الله تعالى ليرفع) لفظ رواية الطبراني ليدفع بالدال (بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء) أي بسبب كونه بين أظهرهم لكرامته على ربه أو بسبب دعائه والأول أقرب وتمام الحديث عند مخرجه الطبراني * (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) * [البقرة:
251] ولا يعارضه مدح البلاء فيما قبله لأن المراد به هنا الشاغل عن الله أو عبادته أو العاري عن الصبر الموقع لصاحبه في التضجر والتسخط الموجب للخذلان والأول في خلاف ذلك ويظهر بأن المراد بالمائة التكثير لا التحديد فإن حد الجوار يزيد على ما ذكر إذ حد الجوار أربعون دارا من كل جانب (طب) وكذا الأوسط (عن ابن عمر) بن الخطاب وضعفه المنذري وفال الهيثمي فيه يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف وفي الميزان يحيى هذا ضعفه ابن معين ووهاه أو داود وقال ابن خزيمة لا يحتج به وقال ابن عدي بين الضعف ثم أورد له هذا الخبر.
1795 - (إن الله تعالى ليرضى عن العبد) المؤمن أي يرحمه ويثيبه (أن) علة ليرضى أي لأجل أن