فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٥
أخذه أليم شديد) * [هود: 102] وفيه تسلية للمظلوم ووعيد للظالم وأنه لا يغتر بالإمهال فإنه ليس بإهمال (ق) البخاري في التفسير ومسلم في الأدب (ت) في التفسير (ه) في الفتن كلهم (عن أبي موسى) الأشعري.
1801 - (إن الله ليتبع) بمثناة تحتية فمثناة فوقية فباء موحدة أي يطالب، كذا رأيته مضبوطا بالقلم في نسخ هذا الجامع لكن في تأليف للزين العراقي مضبوطا بالقلم بنفع بمثناة نحتية فنون ففاء من النفع ومثله في الحلية لأبي نعيم والميزان ثم رأيت نسخة المصنف التي بخطه من هذا الجامع ينفع بنون وفاء مبينة مضبوطة وحينئذ فمعناه ينفع (العبد بالذنب) الذي (يذنبه) لأن الذنب سبب فرار العبد إلى الله من نفسه ودنياه والاستعاذة به والالتجاء إليه من عدوه والذنب لا يسقط العبد من عين الله ولا يخرجه عن موالاته وإنما يسقط بالإصرار وبترك التوبة والإعراض عن الله بطلب ملاذ نفسه وشهواتها وإنما الذنب آفة تلحق العبد فينكب بها ويخجل من أجلها فينتعش من صرعته بتوبته وهي سبب الوصلة لخواص العباد والقرب إلى الله قال الداراني ما عمل داود عملا أتم من الخطيئة ما زال يهرب منها إلى ربه حتى وصل إليه، وقال ابن عطاء الله ربما أفادك في ليل القبض ما لم تستفده في إشراق نهار البسط * (لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا) * [النساء: 11] وقال ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول وقضى عليك بالذنب وكان سببا للوصول رب معصية أورثت ذلا وافتقارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا. اه‍. وهذا كله ليس تنويها لارتكاب الخطايا بل المراد أنه إذا أذنب فندم بذله وانكساره نفعه ذلك (حل عن ابن عمر) ابن الخطاب ثم قال غريب من حديث عبد العزيز بن أبي رواد لم نكتبه إلا من حديث مضر بن نوح السلمي اه‍، ومضر قال في الميزان فيه جهالة وقال العقيلي حديثه غير محفوظ وعبد العزيز بن أبي رواد قد سبق بيان حاله ورواه أبو نعيم من طريق آخر فيه عبد الرحيم بن هارون وقد قالوا كان يكذب ومن ثم قال ابن الجوزي حديث لا يصح والزين العراقي غير محفوظ.
1802 - (إن الله تعالى محسن) أي الإحسان له وصف لازم ولا يخلو موجود عن إحسانه طرفة عين فلا بد لكل مكون من إحسانه إليه بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد (فأحسنوا) إلى عباده بالقول والفعل فإن الإحسان غاية رتب الدين وأعظم أخلاق عباد الله الصالحين قال بعض العارفين أصل العبودية لله ودوران أحوالها على أمرين تعظيم قدرة الله والإحسان إلى خلق الله وقال العارف ابن العربي الإحسان صفة الله وهو المحسن المجمل والإحسان الذي به سمي العبد محسنا أن يعبد الله كأنه يراه أي يعبده على المشاهدة وإحسان الله هو مقام رؤيته عباده في حركاتهم وتصرفاتهم وهو قوله * (على كل شئ شهيد) *، * (وهو معكم أينما كنتم) * [الحديد: 4] فشهوده لكل شئ هو إحسانه فإنه بشهوده يحفظه من الهلاك فكل حال ينتقل به العبد فهو من إحسانه تعالى إذ هو الذي نقله ولهذا سمي الإنعام إحسانا فإنه لا ينعم عليك إلا من يعلمك ومن كان علمه عين رؤيته فهو محسن دائما وقد قال
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»