1799 - (إن الله ليعجب) من الإعجاب وهو من العجب وهو كون الشئ خارجا عن نظائره من جنسه حتى يكون ندرة في صنفه قاله الحرالي (من الشاب) أي يعظم عنده قدرا فيجزل له أجره لكونه (ليست له صبوة) أي ميل إلى الهوى بحسن اعتياده للخير وقوة عزيمته في البعد عن الشر قال حجة الإسلام وهذا عزيز نادر فلذلك قرن بالتعجب وقال القونوي سره أن الطبيعة تنازع الشاب وتتقاضاه الشهوات من الزنا وغيره وتدعوه إليها على ذلك ظهير وهو الشيطان فعدم صدور الصبوة منه من العجب العجاب، وهل الأفضل ما نشأ لا صبوة له لكونه لم يلابس كبيرة ونجا من ضررها وخطرها والسؤال عنها في القيامة أو من قارف الذنوب وتاب توبة نصوحا لكونه قلع عن الشهوات لله بعد إلفه لها وتعوده لذتها ثم فارق لذته وشهوة لله؟ قولان وكلام المحاسبي يقتضي ترجيح الأول. ثم إنك قد عرفت معنى التعجب، وعبر عنه بعضهم بعبارة أخرى فقال أصله استعظام الشئ واستكباره لخروجه عن العادة وبعده من العرف وذلك مما ينزه عن مثله الباري فيؤول بما ذكر فكأنه أكبر ما أتى به هذا الشاب من الأمر البعيد عن أوصاف العبيد فهو على منهج المدح لمن لم يصب، وقد يأتي التعجب من فعل المنكر إذا عظم وقعه وفحش قبحه على جهة الإنكار (تتمة) قال العارف ابن عربي لما تعجب المتعجب مما خرج عن صورته وخالفه في سريرته ففرح بوجوده وضحك من شهوده، وغضب لتوليه.
وأبغض بعده وأحب قربه وتبشبش لتدليه فعبر بذلك تقريبا لأفهام العرب. فهذه أرواح مجردة، تنظرها أشباح مسندة فإذا بلغ الميقات وانقضت الأوقات ومارت السماء وكورت الشمس وبدلت الأرض وانكدرت النجوم وانتقلت الأمور وظهرت الآخرة وحشر الإنسان وغيره في الحافرة. تنسم الأرواح ويتجلي الفتاح ويتقد المصباح ويشعشع الراح ويظهر الورد الصراح ويزول الإلحاح (حم طب) وكذا أبو يعلى (عن عقبة بن عامر) أي الجهني قال الهيثمي وإسناده حسن وضعفه ابن حجر في فتاويه لضعف ابن لهيعة راويه.
1800 - (إن الله تعالى ليملي) بفتح اللام الأولى أي ليمهل والإملاء الإمهال والتأخير وإطالة العمر (للظالم) زيادة في استدراجه ليطول عمره ويكثر ظلمه فيزداد عقابه * (إنما نملي لهم ليزدادوا إثما) * [آل عمران: 178] فإمهاله عين عقابه (حتى إذا أخذه) أي أنزل به نقمته (لم يفلته) أي لم يفلت منه أو لم يفلته منه أحد أي لم يخلصه أبدا بل يهلكه لكثرة ظلمه بالشرك فإن كان مؤمنا لم يخلصه مدة طويلة بقدر جنايته، وقول بعضهم معنى لم يفلته لم يؤخره تعقبه ابن حجر بأنه يفهم أن الظالم إذا صرف عن منصبه أو أهين لا يعود إلى غيره والمشاهد في بعضهم بخلافه فالأولى جعله غالبيا من الإفلات وهو خروج من مضيق وتمام الحديث في البخاري: ثم قرأ * (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن