فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٣
المسخ (تنبيه) قال ابن العربي رضي الله عنه: قوله الممسوخ لا ينسل دعوى وهذا أمر لا يعلم بالعقل وإنما طريق معرفته الشرع وليس في ذلك أثر يعول عليه انتهى وهو غفول عجاب مع ثبوته في أصح كتاب ثم رأيت الحافظ الزين العراقي قال قال ابن العربي قولهم الممسوخ لا ينسل دعوى غلط منه مع ثبوته في مسلم (فائدة) قال الحافظ الزين العراقي لو تحقق أن آدميا مسخ في صورة ما يؤكل لحمه فهل يحرم أو يحل؟ لم أر لأصحابنا فيه كلاما وقد قال ابن العربي بحله لأن كونه آدميا زال انتهى والحديث بإطلاقه يعارض هذا الحديث الآتي فقدت أمة من الأمم قال الجوهري والمسخ أي أصله تحويل الصورة إلى ما هو أقبح منها (حم م عن ابن مسعود) قال قالت أم حبيبة اللهم متعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنك لقد سألت لآجال مضروبة وآثار موطوءة وأرزاق مقسومة لا يعجل شئ منها قبل حله ولا يؤخر شئ منها بعد حله ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب النار أو عذاب في القبر كان خيرا، فقال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ فقال إن الله إلخ.
1779 - (إن الله تعالى لم يجعلني لحانا) بالتشديد أي كثير الحن في الكلام بل لساني لسان عربي مبين مستقيم وصيغة المبالغة هنا ليست على بابها والمراد نفي اللحن مطلقا وإن قل (اختار لي خير الكلام كتابه القرآن) ومن كتابه القرآن كيف يلحن لا تنقضي آياته ولا تتناهى على مر الزمان معجزاته قل أعجز البلغاء وأخرس الفصحاء ورفعوا رؤوسهم من بدائعه وصنائعه تعجبا فمن القرآن خلقه ولسانه كيف يلحن (الشيرازي في الألقاب) أي في كتاب الألقاب له (عن أبي هريرة) قال قلنا يا رسول الله ما رأينا أفصح منك فذكره وقضية كلام المصنف أنه لم يقف عليه لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الديلمي خرجه مسندا باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور.
1780 - (إن الله لم يخلق خلقا هو أبغض إليه من الدنيا) وإنما أسكن فيها عباده ليبلوهم أيهم أحسن عملا (وما نظر إليها) نظر رضى (منذ خلقها بغضا لها) كذا هو بخط المصنف وذلك لأن أبغض الخلق إلى الله من آذى أولياءه وشغل أحبابه وصرف وجوه عباده عنه وحال بينهم وبين السير إليه والإقبال عليه والدنيا مبغوضة لأوليائه شاغلة لهم عنه فصارت بغيضة له لخداعها وغرورها فيه فتنة ومحنة حتى لكبار الأولياء وخواص الأصفياء لكن الله ينصرهم ويظفرهم، وقصد الخبر التنبيه على أنه لا ينبغي طلب الدنيا إلا لضرورة ولا يتناول منها إلا تناول المضطر من الميتة إذ هي سم قاتل، فالعاقل يطلب منها قدر ما يصان الوجه به على تكره منها لكونها بغيضة لله وعلى توق من سمها وحذر من غدرها وغرورها (ك في التاريخ) المشهور قال التاج السبكي ولا نظير له (عن أبي هريرة) وفيه داود بن
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»