1775 - (إن الله) أي اعلم يا من جاءنا يطلب من الصدقة إن الله قد اعتنى بأمر الصدقة وتولى قسمتها بنفسه (لم يرض بحكم نبي) مرسل (ولا غيره) من ملك مقرب أو جهبذ مجتهد (في الصدقات) أي في قسمتها على مستحقيها (حتى حكم فيها هو) أي أنزلها مقسومة في كتابه واضحة جليلة قال الطيبي وقوله هو تأكيد إذ ليس هنا صفة جرت على غير من هي له وحتى بمعنى إلى (فجزأها ثمانية أجزاء) مذكورة في قوله * (إنما الصدقات) * [التوبة، 6] إلى آخر الآية وتمام الحديث فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك قال الحرالي وإذا تولى الله سبحانه إدانة حكم أنهاه إلى الغاية في الإفصاح وفيه رد على المزني منا في صرفه خمسها لمن له خمس الغنيمة ورد على أبي حنيفة رضي الله عنه والثوري والحسن رضي الله عنهما في صرفها لواحد ومالك رضي الله عنه في دفعها لأكثرهم حاجة وفيه إشارة إلى أن الزكاة على هذا النمط من خصائص هذه الأمة وأنها علية الشأن عند الله لكونه تولى شرع قسمتها بنفسه ولم يكله إلى غيره وناهيك به شرفا وقد ورد مثل هذا الخبر للمواريث في خبر ضعفه ابن الصلاح بلفظه إن الله لم يكل قسمة مواريثكم إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب ولكن قسمها بنفسه (د) في الزكاة (عن زياد بن الحارث الصدائي) بضم الصاد المهملة صحابي نزل من مصر فقال قال رجل يا رسول الله أعطني من هذه الصدقة فذكره ثم قال فإن كنت من أهل تلك الأجزاء أعطيتك وفيه كما قال الذهبي في المهذب عبد الرحمن بن زياد وهو الإفريقي ضعيف انتهى وكذا قال المناوي ثم هذا الحديث لم أره في نسخة المصنف التي بخطه.
1776 - (إن الله لم يبعثني معنتا) أي شقاء على عباده (ولا متعنتا) بتشديد النون مكسورة أي طالب للعنت وهو العسر والمشقة (ولكن بعثني معلما) بكسر اللام مشددة (ميسرا) من اليسر، قال الحرالي وهو حصول الشئ عفوا بلا كلفة وهذا قاله لعائشة رضي الله عنها لما أمره الله بتخيير نسائه فبدأ بها فخيرها فاختارته وقالت يا رسول الله لا تقل إني اخترتك (تنبيه) قال ابن عربي رضي الله تعالى عنه لما كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم بالميزان وهو العدل في الكون وهو معتدل لأن طبعه الحرارة والرطوبة كان من حكم الآخرة فإن حركة الميزان متصلة بالآخرة إلى دخول الجنة أو النار ولهذا كان العلم في هذه الأمة أكثر مما كان في الأوائل وأعطي علم الأولين والآخرين لأن حقيقة الميزان تعطي ذلك وكان الكشف أسرع في هذه الأمة من غيرها لغلبة البرد واليبس على سائر الأمم قبلها وإن كانوا أذكياء وعلماء، ألا ترى هذه الأمة ترجمت جميع علوم الأمم، ولو لم يكن المترجم عالما بالمعنى الذي دل عليه لفظ المتكلم به لما صح أن يكون هذا مترجما ولم ينطلق عليه اسم الترجمة؟ فعلمت هذه الأمة علم من تقدم واختصت بعلوم لم تكن لهم (م عن عائشة) ورواه عنها أيضا البيهقي في السنن وغيره.