فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣١٨
النطق وتكلف البلاغة في أساليب الكلام لأنه يجر إلى أن يرى الواحد منا لنفسه فضلا على من تقدمه في المقال ومزية عليه في العلم أو الدرجة عند الله لفضل خص به عنهم فيحتقر من تقدمه ولا يعلم المسكين أن قلة كلام السلف إنما كان ورعا وخشية لله ولو أرادوا الكلام وإطالته لما عجزوا غير أنهم إذا ذكروا عظمة الله تلاشت عقولهم وانكسرت قلوبهم وقصرت ألسنتهم، والبيان جمع الفصاحة في اللفظ والبلاغة في المعنى (تنبيه) قال الزمخشري البيان إظهار المقصود بأبلغ لفظ وهو من الفهم والذكاء وأصله الكشف والظهور (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي فيه عفير بن معدان وهو ضعيف قال الزين العراقي ورواه ابن السني في رياض المتعلمين عن أبي أمامة بسند ضعيف.
1771 - (إن الله تعالى كريم) أي جواد لا ينفذ عطاؤه (يحب الكرم) لأنه من صفاته وهو يحب من تخلق بشئ منها كما سبق (ويحب معالي الأخلاق) من الحلم ونحوه من كل خلق فاضل لما ذكر (ويكره) لفظ رواية أبي نعيم ويبغض (سفسافها) بفتح أوله المهمل أي رديئها قال ابن عبد السلام الصفات الإلهية ضربان. أحدهما يختص به كالأزلية والأبدية والغنى عن الأكون، والثاني يمكن التخلق به وهو ضربان. أحدهما لا يجوز التخلق بها كالعظمة والكبرياء، والثاني ورد الشرع بالتخلق به كالكرم والحلم والحياء والوفاء فالتخلق به بقدر الإمكان مرض للرحمن مرغم للشيطان. (تنبيه) قال في الصحاح السفساف الردئ من الشئ كله والأمر الحفير وقال الزمخشري تقول العرب شعر سفساف وكل عمل لم يحكمه عامله فقد سفسفه. وكل رجل مسفسف لئيم العطية ومن المجاز قولهم تحفظ من العمل السفساف ولا تسف له بعض الإسفاف.
وسام جسيمات الأمور ولا تكن * * مسفا إلى ما دق منهن دانيا (طب حل ك عن سهل بن سعد) قال الحافظ العراقي بعدما عزاه لمن ذكر خلا أبي نعيم إسناده صحيح وقال الهيثمي رجال الطبراني ثقات.
1772 - (إن الله تعالى لم يبعث نبيا ولا) استخلف (خليفة) فضلا عن غيرهما وفي رواية من خليفة كالأمراء فإنهم خلفاء الله على عباده (إلا وله بطانتان) تثنية بطانة بالكسر وليجة وهو الذي يعرفه الرجل بأسراره ثقة به، شبه ببطانة الثوب هنا كما شبه بالشعار في خبر: الأنصار شعار والناس دثار ذكره القاضي (بطانة تأمره بالمعروف) أي ما عرفه الشرع وحكم بحسنه وفي رواية بدل بالمعروف وبالخير (وتنهاه عن المنكر) ما أنكره الشرع ونهى عن فعله قال ابن حجر البطانة بكسر الموحدة اسم جنس يشمل الواحد والمتعدد (وبطانة لا تألوه خبالا) أي لا تقصر في إفساد أمره وهو اقتباس من قوله سبحانه
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»