فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٢٨
بقيته: فاغفر للأنصار والمهاجرة، ولفظ البخاري في باب التحريض على القتال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجزع قال: اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة (حم ق عن سهل بن سعد) الساعدي قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نحفر الخندق وننقل التراب على أكتافنا فقال اللهم إلخ.
1449 - (اللهم) أصله يا الله حذفت ياؤه وعوض عنها الميم وشددت لتكون على حرفين كالمعوض عنه وقد يقال فيه لاهم بحذف أل (اجعل رزق) وفي رواية للعسكري: عيش (آل محمد) زوجاته ومن في نفقته أو هم مؤمنو بني هاشم والمطلب أو أتقياء أمته والحمل على الأعم أتم (في الدنيا قوتا) وفي رواية: كفافا: أي بلغة تسد رمقهم وتمسك قوتهم بحيث لا ترهقهم الفاقة ولا تذلهم المسألة والحاجة ولا يكون فيهم فضول يصل إلى ترفه وتبسط ليسلموا من آفات الغنى والفقر، والكفاف ما لا يفضل عن الشئ ويكون بقدر الحاجة، والقوت ما يسد به الرمق سمي قوتا لحصول القوة به سلك المصطفى صلى الله عليه وسلم طريق الاقتصاد المحمود، فإن كثرة المال تلهي، وقلته تنسي، فما قل منه وكفى: خير مما كثر وألهى، وفي دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم به إرشاد لأمته كل الإرشاد إلى أن الزيادة على الكفاف بكثير لا ينبغي أن يتعب العاقل في طلبه لكونه لا خير فيه، وحكم الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فمنهم من يعتاد الرياضة حتى إنه يأكل في كل أسبوع مرة فكفافه وقوته تلك المرة في كل أسبوع، ومنهم من يعتاد الأكل في كل يوم مرة أو مرتين فكفافه ذلك لأنه إن تركه ضره، ومنهم كثير العيال، فكفافه ما يسد رمق عياله ومنهم من يقل عياله فلا يحتاج إلى زيادة فقدر الكفاف غير مقدر ومقداره غير معين لكن المحمود ما يحصل به القوة على الطاعة والاشتغال به على قدر الحاجة، وقوله:
إني أسألك غناك وغنى مولاي المراد غنى يدفع الفاقة فقط فلا يخالفه ما هنا، وقوله: " اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني: لم يرد به ما يزيد على الكفاف (فائدة) قال ابن عربي: اللهم، هو اسمه المدعو به الذي قلما حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا بسواه إلا أن يكون تلقينا لمتعلم أو نطقا عن مقتضى حال يرجع إلى إيقاع نفع ذلك إعرابا عن حالهم وذلك هو الاسم الأعظم (م ت ه عن أبي هريرة) ظاهره أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو وهم بل رواه البخاري في الرقائق.
1450 - (اللهم اغفر للمتسرولات) أي اللابسات السراويلات (من) نساء (أمتي) أمة الإجابة.
وفي رواية: للمتسرولات من النساء، وإنما دعا لهن بذلك لأنهن لما حافظن على ما أمرهن به من الستر قابلهن بالدعاء لهن بالغفر الذي أصله الستر، فذاك ستر العورات وذا ستر الخطيات، وجعله كناية عن حفظ الفروج خلاف الظاهر (البيهقي في الأدب) أي في كتاب الأدب له وكذا البزار (عن علي) أمير
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»