مبني على السخاء وحسن الخلق ولا يصلح إلا بهما فكمال إيمان الإنسان ونقصه على قدر ذلك، ولا يناقضه ما سلف أنه جبلي غريزي، لأنه وإن كان سجية أصالة لكن يمكن اكتساب تحسينه بنحو نظر في أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم والحكماء ثم بتصفية النفس عن ذميم الأوصاف وقبيح الخصال ثم برياضتها إلى تحليها بالكمال ومعالي الأحوال وحينئذ فيثاب على تلك الأخلاق لكونها من كسبه (حم د حب ك) وصححه (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي في أماليه: حديث صحيح، وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد عزاه هو نفسه في الأحاديث المتواترة إلى البخاري وعده من المتواتر، ورواه البزار من حديث أنس بسند رجاله ثقات وزاد فيه: وإن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم والصلاة، والطبراني في الأوسط من حديث أبي سعيد بسند فيه مجهول، وزاد: الموطئون أكنافا، الذين يألفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
1441 - (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) بالضم، قال الحليمي: دل على أن حسن الخلق إيمان وعدمه نقصان إيمان، وأن المؤمنين يتفاوتون في إيمانهم، فبعضهم أكمل إيمانا من بعض، ومن ثم كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا لكونه أكملهم إيمانا (وخياركم خياركم لنسائهم) أي من يعاملهن بالصبر على أخلاقهن ونقصان عقلهن، وطلاقة الوجه، والإحسان. وكف الأذى، وبذل الندى، وحفظهن من مواقع الريب، ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس معاشرة لعياله، وهل المراد بهن حلائل الرجل من زوجة وسرية، أو أصوله وفروعه وأقاربه، أو من نفقته منهن، أو الكل؟
والحمل على الأعم أتم (ت حب عن أبي هريرة) قال الترمذي حسن صحيح، وقال ابن حبان صحيح، وكذا الحاكم.
1442 - (الله الله في) حق (أصحابي) أي اتقوا الله فيهم ولا تلمزوهم بسوء: أو اذكروا الله فيهم وفي تعظيمهم وتوقيرهم وكرره إيذانا بمزيد الحث على الكف عن التعرض لهم بمنقص (لا تتخذوهم غرضا) بمعجمة هدفا ترموهم بقبيح الكلام كما يرمي الهدف بالسهام، هو تشبيه بليغ (بعدي) أي بعد وفاتي. قال في الصحاح: الغرض الهدف الذي يرمى إليه (فمن أحبهم فبحبي أحبهم) أي فبسبب حبهم إياي، أو حبي إياهم أي إنما أحبهم لحبهم إياي أو لحبي إياهم (ومن أبغضهم فببغضي) أي فبسبب بغضه إياي (أبغضهم) يعني إنما أبغضهم لبغضه إياي، ومن ثم قال المالكية يقتل سابهم (ومن آذاهم) بما يسوءهم (فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله) ولا يضره ذلك بشهادة: يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني (ومن آذى الله يوشك أن يأخذه) أي يسرع انتزاع روحه أخذة غضبان منتقم