فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٢٦
1445 - (الله الطبيب) أي هو المداوي الحقيقي بالدواء الشافي من الداء، وهذا قاله لوالد أبي رمثة حين رأى خاتم النبوة وكان ناتئا فظنه سلعة تولدت من الفضلات فرد المصطفى صلى الله عليه وسلم كلامه بإخراجه مدرجا منه إلى غيره يعني ليس هذا علاجا بل كلامك يفتقر إلى العلاج حيث سميت نفسك طبيبا، والله هو الطبيب وإنما أنت رفيق ترفق بالمريض وتتلطف به وله فهو من الأسلوب الحكيم في فن البديع. وذلك لأن الطبيب هو العالم بحقيقة الدواء والداء والقادر على الصحة والشفاء وليس ذلك إلا الله لكن تسمية الله بالطبيب إذا ذكره في حالة الاستشفاء نحو أنت المداوي أنت الطبيب سائغ ولا يقال يا طبيب كما يقال يا حكيم لأن إطلاقه عليه متوقف على توقيف (د) وكذا النسائي خلافا لما يوهمه كلامه من تفرد أبي داود به من بين الستة (عن أبي رمثة) بكسر فسكون ففتح البلوى أو التيمي أو التميمي اسمه رفاعة بن يثربي أو عكسه أو عمارة بن يثربي أو حبان بن وهب أو جندب أو حبيب أو غير ذلك صحابي مات بأفريقية. قال دخلت مع أبي على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فرأى أبي الذي بظهره، فقال دعني أعالجه فإني طبيب فذكره.
1446 - (الله مع القاضي) بعونه وإرشاده وإسعافه وإسعاده (ما لم يجر) في حكمه: أي يتعمد الظلم فيه (فإذا جار) فيه (تخفى) أي قطع (عنه) تسديده وتوفيقه (ولزمه الشيطان) يغويه ويضله ليخزيه غدا ويذله لما أحدثه من الجور وارتكبه من الباطل وتحلى به من خبيث الشمائل وقبيح الرذائل.
قال ابن العربي: القاضي يقضي بالحق ما كان الله معه فإذا تركه جار فالأمر أولا بيد الله يبدأ عن بداية المقادير وحكمه بالتقدير وملكه للتدبير تحقيقا للخلق وتوحيدا وقد يخبر عن مآل حالهم تخويفا وإنذارا بالمعاملات التي جعلها لأهل الفوز وأهل الهلكة وهو الحكيم الخبير. قال ابن بطال: دل الحديث على أن القضاء بالعدل من أشرف الأعمال وأجل ما يتقرب به إلى الملك المتعال وأنه بالجور بضد ذلك * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) * [المائدة: 47] قال ابن حجر: وفي الحديث ترغيب في ولاية القضاء من استجمع شروطه وقوي على إعمال الحق ووثق من نفسه بعدم الجور ووجد للحق أعوانا لما فيه من الأمر بالمعروف ونصر المظلوم وأداء الحق للمستحق وكف يد الظالم والإصلاح بين الناس وكل ذلك من آكد القربات ولذلك تولاه الأنبياء فمن بعدهم من الخلفاء الراشدين وكذلك اتفقوا على أنه فرض كفاية لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه، فقد أخرج البيهقي بسند قوي أن أبا بكر لما ولي الخلافة ولى عمر القضاء، وبسند آخر قوي أن عمر استعمل ابن مسعود على القضاء، وإنما فر منه من فر خوف العجز أو عدم المعين ومن ثم كان السلف يمتنعون منه أشد امتناع. (تنبيه) سأل ابن شاهين الجنيد عن معنى مع فقال على معنيين: مع الأنبياء والأولياء بالنصرة والكلاءة * (إنني معكما أسمع وأرى) * [طه: 46] ومع العامة بالعلم والإحاطة * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) * [المجادلة: 7:] فقال ابن شاهين: مثلك يصلح دالا للأمة على الله (ت) واستغربه (عن عبد الله بن أبي
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»