فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٨٣
بالإضافة. قال ابن حجر: هذا هو المعتمد في جميع الروايات وقول الكعبري بهمزة مكسورة ونون مشددة وهاء، والإيمان بالرفع تصحيف فاحش والمحبة لغة ميل القلب إلى الشئ لتصور كماله فيه لكن ليس المراد بالميل هنا ما يستلذه بحواسه كحسن الصورة بل الميل لما يستلذه بعقله إما لإحسانه كجلب نفع ودفع ضر أو لذاته كمحبة الفضل والكمال. ومن ثم قال القاضي المراد بالحب هنا العقلي وهو إيثار ما يقتضي العقل رجحانه وإن كان على خلاف هوى النفس كالمريض يعاف الداء بطبعه فينفر عنه ويميل له بعقله واللام للعهد أي أنصار الرسول سماهم أنصارا أخذا من قوله تعالى * (والذين آووا ونصروا) * فصار علما بالغلبة وهم وإن كانوا ألوفا لكن استعمل فيهم جمع القلة لأن اللام للعموم والتفرقة إنما هي في النكرات (وآية النفاق) بالمعنى الخاص (بغض الأنصار) صرح به مع فهمه مما قبله لاقتضاء المقام التأكيد ولم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضده لأن الكلام فيمن ظاهره الإيمان وباطنه الكفر فميزه عن ذوي الإيمان الحقيقي فلم يقل آية الكفر لكونه غير كافرا ظاهرا وخص الأنصار بهذه المنقبة العظمى لما امتازوا به من الفضائل المارة فكان اختصاصهم بها مظنة الحسد الموجب للبغض فوجب التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم وأبرز ذلك في هذين التركيبين المفيدين للحصر لأن المبتدأ والخبر فيهما معرفتان فجعل ذلك آية الإيمان والنفاق على منهج القصر الادعائي حتى كأنه لا علامة للإيمان إلا حبهم وليس حبهم إلا علامته ولا علامة للنفاق إلا بغضهم وليس بغضهم إلا علامته تنويها بعظيم فضلهم وتنبيها على كريم فعلهم وإن كان من شاركهم في المعنى مشاركا لهم في الفضل كل بقسطه، ثم إنه لا دلالة في الخبر على أن من لم يحبهم غير مؤمن إذ العلامة - ويعبر عنها بالخاصة - تطرد ولا تنعكس فلا يلزم من عدم العلامة عدم من هي له أو المراد الإيمان الكامل أو يحمل البغض على التقييد بالجهة فبغضهم من جهة كونهم أنصار المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يجامعه التصديق فيكون من أبغضهم منافقا حقيقيا أو اللفظ خرج مخرج الزجر والتحذير كما يشهد له ما مر من مقابلة الإيمان بالنفاق دون ضده إرشادا إلى أن المخاطب بالترغيب والترهيب مظهر الإيمان لا الكفر لارتكابه أقبح من ذلك. وقول ابن المنير المراد حب جميعهم وبغض جميعهم لأن ذلك إنما يكون للدين وأما من أبغض بعضهم لمعنى يسوغ البعض له فغير داخل في ذلك، تعقبه المؤلف (تنبيه) قال الذهبي: أبناء الأنصار ليسوا من الأنصار كما أن أبناء المهاجرين ليسوا من المهاجرين ولا أولاد الأنبياء بأنبياء ويوضحه حديث " اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء الأنصار " قال: وبغض الأنصار من الكبائر (حم ق) في الإيمان (ن) كلهم (عن أنس) بن مالك.
25 - (آية المنافق) أي علامته (ثلاث) من الخصال، أخبر عن آية بثلاث باعتبار إرادة الجنس أي كل واحد منها أو لأن مجموع الثلاث هو الآية. قال ابن حجر: ويرجح الأول رواية أبي عوانة بلفظ علامات المنافق ثلاث الأولى (إذا حدث كذب) أي أخبر بخلاف الواقع (و) الثانية (إذا وعد) أحدا بخير في المستقبل (أخلف) أي جعل الوعد خلافا بأن لا يفي به لكن لو كان عازما على الوفاء فعرض مانع فلا إثم عليه كما يجئ في خبر، أما الشر فيندب إخلافه بل قد يجب ما لم يترتب على ترك إخلافه
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة