للناس في الدنيا آتاه الله جزاء معروفه في الآخرة والمراد من بذل جاهه لأهل الجرائم فشفع فيهم شفعه الله في أهل التوحيد في الآخرة ومفهوم الحديث أن أهل الشر في الدنيا هم أهل الشر في الآخرة (فائدة) في مستدرك الحاكم بسند عن أبي جعفر من وجد في قلبه قسوة فليكتب يس والقرآن السورة في جام بزعفران ثم يشربه (ك ه) في الرقاق (عن علي) أمير المؤمنين رضي الله عنه قال الحاكم في مستدركه صحيح ورده الذهبي بأن فيه الأصبغ بن نباتة واه جدا وحبان بن علي ضعفوه انتهى.
1116 - (اطلع) بهمزة وصل مكسورة بصيغة الأمر (في القبور) أي أشرف عليها وانظر إليها وتأمل ما صار إليه أهلها من ذهاب الأموال وفناء الآمال وأكل الدود والتراب وانقطاع عن الأهل والأحباب والمصير إلى روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار قال ابن كمال أصل تعدية اطلع بعلى لما فيه من معنى الإشراف كما في الصحاح وعداه هنا بقي باعتبار تضمنه معنى النظر والتأمل والقبر الدفن يقال قبرت الميت أقبره بضم أو كسر قبرا دفنته وأقبرته أمرت بأن يقير والمراد هنا محل الدفن وقد شاع استعماله فيه والمقابر جمع مقبرة ولم يأت في القرآن إلا في * (ألهاكم) * (واعتبر) أي اتعظ (بالنشور) أي انظر وتأمل في قيام الموتى من قبورهم للعرض، والحساب والاعتبار من العبرة بمعنى النظر في حال الأموات، فأمره بالنظر في القبور على وجه يترتب عليه الاعتبار المذكور وتتبعه العبرة في أحوال النشور ليقل أمل الناظر وبصدق زهده وفي الصحاح نشر الميت ينشر نشورا عاش بعد الموت ومنه يوم النشور وفي الأساس إنه من المجاز أصله نشر بمعنى بسط. أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أن من أعظم أدوية قسوة القلوب زيارة القبور وتأمل حال المقبور وما بعده من البعث والنشور الباعث على ذكر هازم اللذات ومفرق الجماعات وكذا مشاهدة المحتضرين وتغسيل الموتى والصلاة على الجنائز فإن في ذلك موعظة بليغة كما يأتي في خبر (هب) وكذا الديلمي (عن أنس) قال شكى رجل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فذكره وظاهر صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل قال عقبة هذا متن منكر فحذف ذلك من كلامه غير صواب وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن يونس الكديمي من مناكيره وقال هذا أحد المتروكين واتهمه ابن عدي وابن حبان بالوضع.
1117 - (اطلعت) بهمزة وصل فطاء مفتوحة مشدودة فلام مفتوحة أي تأملت ليلة الأسراء أو في النوم أو في الوحي أو بالكشف لعين الرأس أو لعين القلب لا في صلاة الكسوف كما قيل (في الجنة) أي عليها (فرأيت أكثر أهلها الفقراء) أي فقراء المدينة. ضمن اطلعت معنى تأملت، ورأيت معنى علمت، وكذا عداه إلى مفعولين ولو كان الاطلاع بمعناه الحقيقي كفاه مفعول واحد ذكره الطيبي.
وهذا من أقوى حجج من فضل الفقر على الغنى والذاهبون لمقابله أجابوا بأن الفقر ليس هو الذي أدخلهم الجنة بل الصلاح (واطلعت في النار) أي عليها والمراد نار جهنم (فرأيت أكثر أهلها النساء) لأن كفران العطاء وترك الصبر عند البلاء وغلبة الهوى والميل إلى زخرف الدنيا والإعراض عن مفاخر