فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٩١
(تمام) في فوائده (عن أبي بكرة) قال الحافظ العراقي وطرقه كلها ضعيفة وبه يعرف أن المصنف كما أنه لم يصب في قوله في اللآلئ هذا الحديث في نقدي حسن صحيح لم يصب ابن الجوزي حيث حكم بوضعه ولا ابن القيم كشيخه ابن تيمية حيث قال هذا الحديث باطل لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى بل ذاك تفريط وهذا إفراط والقول العدل ما أفاده زين الحفاظ العراقي.
1108 - (اطلبوا الخير) أمر بمعنى الخبر كقوله تعالى * (افعلوا الخير) * (الحج: 77) وقوله في خواص عباده * (أولئك يسارعون في الخيرات) * والخير هنا جميع أنواع البر (دهركم كله) أي مدة حياتكم جميعها لأن الإنسان لا يعلم نجاته في أي محل ولا في أي وقت تحصل ولهذا قال دهركم كله وفي المصباح يطلق الدهر على الأبد والزمان قل أو كثر لكنه في القليل مجاز على الاتساع (وتعرضوا) أي اقصدوا أو من التعرض وهو الميل إلى الشئ من أحد جوانبه (لنفحات رحمة الله) أي اسلكوا طرقها حتى تصير عادة وطبيعة وسجية وتعاطوا أسبابها وهو فعل الأوامر وتجنب المناهي وعدم الانهماك في اللذات والاسترسال في الشهوات رجاء أن يهب من رياح رحمته نفحة تسعدكم أو المعنى اطلبوا الخير متعرضين لنفحات رحمة ربكم بطلبكم منه قال الصوفية التعرض للنفحات الترقب لورودها بدوام اليقظة والانتباه من سنة الغفلة حتى إذا مرت نزلت بفناء القلوب وفي الصحاح نفح الطيب فاح ونفحت الريح هبت ونفحة من عذاب قطعة وفي المصباح نفحه بالمال أعطاه والنفحة العطية وقيل مبتدأ شئ قليل من كثير (فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده) المؤمنين فداوموا على الطلب فعسى أن تصادفوا نفحة من تلك النفحات فتكونوا من أهل السعادات. ومقصود الحديث أن لله فيوضا ومواهب تبدو لوامعها من فتحات أبواب خزائن الكرم والمنن في بعض أوقات فنهب فورتها ومقدماتها كالأنموذج لما رواءها من مدد الرحمة فمن تعرض لها مع الطهارة الظاهرة والباطنة بجمع همة وحضور قلب حصل له منها دفعة واحدة ما يزيد على هذه النعم الدائرة في الأزمنة الطويلة على طول الأعمار فإن خزائن الثواب بمقدار على طريق الجزاء وخزائن المنن النفحة منها تفرق فما تعطي على الجزاء له مقدار ووقت معلوم ووقت النفحة غير معلوم بل مبهم في الأزمنة والساعات وإنما غيب علمه لتداوم على الطلب بالسؤال المتداول كما في ليلة القدر وساعة الجمعة فقصد أن يكونوا متعرضين له في كل وقت قياما وقعودا وعلى جنوبهم وفي وقت التصرف في أشغال الدنيا فإنه إذا داوم أوشك أن يوافق الوقت الذي يفتح فيه فيظفر بالفناء الأكبر ويسعد بسعادة الأبد (وسلوا الله) وفي رواية واسألوا الله (تعالى) أي اطلبوا منه (أن يستر) أي يخفي عن خلقه (عوراتكم) جمع عورة وهي ما ستحى منه إذا ظهر والعوار بالفتح العيب وقد يضم (وأن يؤمن) بضم التحتية وفتح الهمزة والتشديد (روعاتكم) أي فزعاتكم قال الراغب: الروع إصابة الروع واستعمل فيما ألقى فيه من الفزع يقال رعته وروعته وريع فلان وناقة روعاء فزعة والأروع الذي يروع بحسنه كأنه يفزع قال:
(٦٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 686 687 688 689 690 691 692 693 694 695 696 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة