فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٩٨
منشورة فإنكم إذا طويتموها (ترجع إليها أرواحها) يعني تبقى فيها قوتها والأرواح جمع روح شبهها بالحيوانات ذوات الأرواح على الاستعارة وليست هي جمع ريح كما وهم (فإن الشيطان) أي إبليس أو المراد الجنس (إذا وجد ثوبا مطويا لم يلبسه) أي لم يسلط على لبسه بل يمنع منه من قبل خالقه إن اقترن طيه بالتسمية (وإن وجده منشورا لبسه) فيسرع إليه البلى وتذهب منه البركة ويورث من لبسه بعد ذلك الغفلة عن ذكر الله والفتور عن العبادة والمراد بالثياب هنا ما يلبس من نحو قميص وجبة وإزار وسراويل ورداء وخف. ويؤخذ من العلة أن العمامة كذلك فيحلها إذا أراد نحو النوم ثم يكورها إذا أراد الخروج وأما ما لا يمكن طيه كقلنسوة ونعل فيكفي في حرمان الشيطان منه التسمية المقارنة للوضع (طس عن جابر) بن عبد الله وقال لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد انتهى قال الهيتمي وفيه عمر بن موسى بن وجيه وهو وضاع وقال السخاوي إسناده واه وأما خبر اطووا ثيابكم بالليل لا تلبسها الجن فتتوسخ فلم أره وفي كلام بعضهم أنها تقول اطووني ليلا أحملكم نهارا.
1121 - (أطيب الطيب) أي أفضله وأشرفه (المسك) بكسر الميم فهو أفخر أنواعه وسيدها قال ابن القيم وأخطأ من قدم عليه العنبر كيف وهو طيب الجنة والكثبان التي هي مقاعد الصديقين فيها منه لا من العنبر والذي غر قائله أنه لا يتغير على مر الزمان كالذهب وهذه خصيصة واحدة لا تقاوم ما في المسك من الخواص وقال المصنف أطيب الطيب المسك والعنبر والزعفران وللمسك من بينهم مزيد خصوصية وله عليهم الفضل والمزية حيث جاء ذكره في التنزيل وذلك غاية التشريف والتبجيل قال الله تعالى * (يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) * (المطففين 25، 26) ومن منافعه أنه يطيب العرق ويسخن الأعضاء ويمنع الأرياح الغليظة المتولدة في الأمعاء ويقوي القلب ويشجع أصحاب المرة السوداء وفيه من التوحش تفريح ومن السدد تفتيح ويصلح الأفكار ويذهب بحديث النفس ويقوي الأعضاء الظاهرة والباطنة شربا ويعين على الباه وينفع من باد الصداع ويقوي الدماغ وينفع من جميع علله الباردة ويبطل عمل السموم وغير ذلك (تنبيه) المشهور أنه غزال المسك كالظبي لكن لونه أسود وله نابان لطيفان أبيضان في الأسفل والمسك دم يجتمع في سرته في وقت معلوم من السنة فإذا اجتمع ورم الموضع فمرض الغزال إلى أن تسقط منه وفي مشكل الوسيط لابن الصلاح أن النافجة في جوفه كالإنفحة في جوف الجدي يلقيها كما تلقى الدجاجة البيضاء وجمع بأنها تلقينها من سرتها فتتعلق بها إلى أن تنحك بشئ فتسقط قال النووي وأجمعوا على طهارة المسك وجواز بيعه ونقل عن الشيعة فيه مذهب باطل وقال الزمخشري قال الحافظ سألت بعض العطارين من أصحابنا المعتزلة عن المسك فقال لولا أن المصطفى صلى الله عليه وسلم تطيب به ما تطيبت به، وأما الزباد فليس يقرب ثيابي. فقلت قد يرتضع الجدي من خنزيرة ولا يحرم لحمه لأن اللبن استحال لحما وخرج من تلك الطبيعة وتلك الصورة وذلك الاسم فالمسك غير الدم والخل غير الخمر والجوهر لا يحرم لعينه وإنما للأعراض
(٦٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 693 694 695 696 697 698 699 700 701 702 703 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة