فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٨٥
1097 - (أطت السماء) بفتح الهمزة وشد الطاء: صاحت وأنت وصوتت من ثقل ما عليها من ازدحام الملائكة وكثرة الساجدين فيها منهم من الأطيط، وهو صوت الرحل والإبل من حمل أثقالها.
وأل للجنس (وحق لها) وفي رواية ويحقها (أن تئط) بفتح المثناة فوق وكسر الهمزة وشد الطاء: أي صوتت وحق لها أن تصوت لأن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت. قال ابن الأثير: وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة كثرة لا يسعها عقل البشر وإن لم يكن ثم أطيط وإنما هو تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى. قال ابن حجر: وقوله تئط بفتح أوله وكسر الهمزة والأطيط صوت البعير المثقل (والذي) أي والله الذي (نفس محمد بيده) أي بقدرته وإرادته وتصريفه (ما فيها موضع بشر) ولا أقل منه بدليل رواية ما فيها موضع أربع أصابع (إلا وفيه جبهة ملك ساجد يسبح الله ويحمده) أي يقول حال سجوده سبحان الله وبحمده، فهذا هو الذكر المأثور للملائكة فيه، والذكر المأثور للبشر سبحان ربي الأعلى، وهذا على طريق الاستعارة بالكناية، شبه السماء بذي صوت من الإبل المقتوبة فأطلق المشبه وهو السماء وأراد المشبه به وهو الإبل ثم ذكر شيئا من لوازم الإبل والأقتاب وهو الصوت المعبر عنه بقوله أطت السماء ينتقل الذهن منه. روى ابن عساكر أن في السماء ملائكة قياما لا يجلسون أبدا، وسجودا لا يرفعون أبدا، وركوعا لا يقومون أبدا، يقولون: ربنا ما عبدناك حق عبادتك. أه‍. وقال ابن الزملكاني: وقد دل هذا الخبر ونحوه على أن الملائكة أكثر المخلوقات عددا وأصنافهم كثيرة. وقد ورد في القرآن من ذلك ما يوضحه ومعرفة قدر كثرتهم وتفصيل أصنافهم موكول إليه سبحانه وتعالى:
* (وما يعلم جنود ربك إلا هو) * وقيل إن المكلفين أربعة أصناف: الإنسان والملك والجن والشياطين، وبنو آدم عشر الجن، والجن عشر حيوان البحر والطير، والكل عشر ملائكة سماء الدنيا، وكلهم عشر ملائكة السماء الثانية، وهكذا إلى ملائكة الكرسي ثم العرش. وفي كتاب الزاهر وغيره عن الأوزاعي وغيره أن في مناجاة موسى قال يا رب من عبدك قبل آدم؟ قال الملائكة، قال يا رب كم هم؟ قال اثني عشر ألف سبط، قال كم السبط؟ قال مثل الجن والإنس والطير والبهائم اثني عشر ألف مرة. وفي رواية: كم عدد كل سبط؟ قال عدد التراب. وفي تذكرة الإمام الرازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج به إلى السماء رأى ملائكة في محل عال مشرف ورأي بعضهم يمشي تجاه بعض، فسأل جبريل:
أين تذهبون؟ فقال والذي بعثك بالحق لا أدري إلا أني أراهم هكذا منذ خلقت ولا أرى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك. وفي الفتوحات: لا يزال الحق يخلق من أنفاس العالم ملائكة ما داموا متنفسين.
والأخبار والآثار الدالة على أكثريتهم لا تكاد تحصى (ابن مردويه) في التفسير (عن أنس) بن مالك.
رمز المؤلف لضعفه ورواه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم عن أبي ذر مرفوعا بلفظ: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته، وفي رواية الترمذي ساجدا لله تعالى، وهذا الحديث حسن أو صحيح.
(٦٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 680 681 682 683 684 685 686 687 688 689 690 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة