فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٨٧
أن المراد إذا لم يتسع حاله للتعميم فيقدم الأتقياء (وأولوا معروفكم المؤمنين) يعني خالطوا الذين حسنت أخلاقهم وأحوالهم في معاملة ربهم بأداء فروضه واتقاء نواهيه وتحمل المشقة في القيام بانفاقهم وفعل صنوف المعروف معهم وأولئك الصالحون الذين قال الله تعالى عنهم * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) * (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في كتاب الإخوان) أي فضل زيارة الإخوان (ع) والديلمي (عن أبي سعيد) الخدري ورواه عنه أيضا ابن المبارك في البر والصلة: قال ابن طاهر غريب وفيه مجهول.
1102 - (أطفال المؤمنين) أي أولادهم وذراريهم الذين لم يبلغوا الحلم (في جبل في الجنة) يعني أرواحهم فيه (يكفلهم) أي يحضنهم ويقوم بمصالحهم (إبراهيم) الخليل (و) زوجته (سارة) فنعم الوالدان ونعم الكاملان هما وهنيئا مريئا لولد فارق أبويه وأمسى عندهما. وسارة بسين مهملة وراء مشددة لأنها كانت لبراعة جملها تسر كل من يراها، وقيل إنها أعطيت سدس الحسن وهي بنت عمه وقيل بنت أخيه، وكان جائزا في شرعه (حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة) أي ويرد ولد الزنا إلى أمه:
وأسند الكفالة لهما والرد إلى إبراهيم خاصة، لأن المخاطب بمثله الرجال ولا ينافي ما ذكر هنا من كفالة إبراهيم لهم ما في خبر آخر من كفالة جبريل وميكائيل وغيرهما لهم لأن طائفة منهم في كفالة إبراهيم وطائفة في كفالة غيره فلا تدافع كما بينه القرطبي وغيره. قال في الإفصاح وغيره: أما مقر الروح فمختلف فيه بحسب المصاحب ومتنوع على قدر المراتب فأرواح في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش إذا باتت، وأرواح في قبة خضراء سندسية وعلى بارق نهر بباب الجنة العلية، وأرواح الأطفال عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح وأرواح في السماء الدنيا أيضا وأرواح في السماء السابعة في دار يقال لها البيضاء، وأرواح في كفالة إبراهيم وأرواح في كفالة جبريل وأرواح في كفالة إسرافيل وأرواح في خزانة رفائيل وأرواح في بيت ممدود بين السماء والأرض وأرواح في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت وأرواح في بئر زمزم، ولكل روح اتصال معنوي ببدنها وتعلق قوي بجسدها بحيث يصلح أن يسلم عليها ويفهم ما يقع من الخطاب لديها وترد السلام كالشمس المنيرة فإنها في السماء وأشعتها في الأرض اه‍. وحينئذ فالمراد بالأطفال في هذا الحديث بعضهم، وفيه أن أطفال المؤمنين في الجنة وقد حكى جمع عليه الإجماع، ومراده كما قال النووي إجماع من يعتد به وأما خبر مسلم عن عائشة توفي صبي من الأنصار فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم وما يدريك أن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا، الحديث فأجيب بأنه إنما نهاها عن التسارع إلى القطع بغير دليل أو أنه قبل علمه بأنهم في الجنة، وفيه أن الجنة موجودة الآن، وهو ما عليه أهل الحق، وأنها ذات جبال ولا ينافيه خبر أنها قيعان، لأن المراد أن أعظمها كذلك (حم ك والبيهقي في) كتاب (البعث عن أبي هريرة) قال الحاكم صحيح.
(٦٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 682 683 684 685 686 687 688 689 690 691 692 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة