فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٦٨٣
إفادته (ابن سعد) في طبقاته (عن القاسم بن محمد) بن أبي بكر الصديق المدني أحد الأئمة الأعلام (مرسلا) أرسل عن أبي هريرة وغيره. وسبب هذا الحديث أن رجالا شكوا النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لهم في ضربهن، فطاف تلك الليلة منهن نساء كثير يذكرن ما لقي نساء المسلمين. فنهى عن ضربهن فقال الرجال يا رسول الله زاد النساء على الرجال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اضربوهن ولا يضرب) إلخ. وقضية تصرف المؤلف لم ير هذا الحديث مسندا وإلا لما عدل رواية إرساله وهو عجيب فقد خرجه البزار عن عائشة مرفوعا وغاية ما يعتذر به للمؤلف أن رواية الإرسال أصح: وبفرض تسليمه فهذا لا يجدي نفعا، لأنه كان الأولى ذكرهما معا.
1094 - (اضمنوا لي ست خصال) أي التزموا بالمحافظة على فعل ست خصال (أضمن) بالجزم جواب الأمر (لكم الجنة) أي العزم لكم في مقابل ذلك بدخولها مع السابقين الأولين أو من غير تعذيب وليس المراد بالضمان هنا معناه الشرعي بل اللغوي، وعبر عنه بذلك تحقيقا لحصول الوعد إن حوفظ على المأمور به، قالوا وما هي يا رسول الله؟ قال (لا تظالموا) بحذف إحدى التاءين تخفيفا أي لا يظلم بعضكم بعضا (عند قسمة مواريثكم) بل اقسموها على ما أمر الله به وأعطوا كل ذي حق حقه من فرض أو تعصيب ما وجب له، فحرمان بعض الورثة أو تنقيصه مما يستحقه حرام شديد التحريم حتى على المورث (وأنصفوا الناس من أنفسكم) بأن تفعلوا معهم ما تحبون أن يفعلوه معكم (ولا تجبنوا) بضم المثناة فوق وسكون الجيم (عند قتال عدوكم) أي لا تهابوهم فتولوا الأدبار، با احملوا عليهم واصدقوا اللقاء واثبتوا حيث كانوا مثليكم أو أقل. والجبن بالضم: ضعف القلب عما يجب أن يقوى فيه. ذكره الراغب وغيره (ولا تغلوا) بفتح المثناة فوق وضم الغين المعجمة (غنائمكم) أي لا تخونوا فيها فإن الغلول كبيرة (فأنصفوا) لفظ جامعه الكبير وامنعوا (ظالمكم من مظلومكم) أي خذوا للمظلوم حقه ممن يظلمه بالعدل والقسط فإن إهمال ذلك مع القدرة عليه من قبيل ترك الأمر بالمعروف وإهمال النهي عن المنكر، والخطاب للحكام أو عام، ويدخلون فيه دخولا أوليا أولويا، ومقصود الحديث أن الإنسان إذا حافظ على هذه الخصال مع القيام بالفروض العينية يتكفل له المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة بإدخاله الجنة مع الأولين أو بغير عذاب (طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيتمي فيه العلاء بن سليمان الرقي وهو ضعيف، وقال ابن عدي منكر الحديث اه‍. والعلاء رواه عن خليل بن مرة وقد ضعفه ابن معين وغيره فحينئذ رمز المؤلف لحسنه إن سلم فهو من قبيل الحسن لغيره.
1095 - (اضمنوا لي ستا) من الخصال (من أنفسكم) بأن تداوموا على فعلها (أضمن لكم الجنة) أي دخولها (اصدقوا إذا حدثتم) أي لا تكذبوا في شئ من حديثكم إلا إن ترجح على الكذب مصلحة
(٦٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 678 679 680 681 682 683 684 685 686 687 688 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة