فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٦٢
ثوابه وبيان فضيلة العلم والحث على الإكثار منه والترغيب في توريثه بنحو تعليم وتصنيف وأنه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع، وأن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذا الصدقة وهو إجماع وكذا قضاء الدين (حم خد م) في الوصايا (3 عن أبي هريرة).
851 - (إذا مات أحدكم) أيها المؤمنون الأبرار والكافرون الفجار، وفي عصاة المؤمنين تردد (عرض عليه مقعده) أي محل قعوده من الجنة أو النار بأن تعاد الروح إلى بدنه أو إلى بعض منه يدرك به حال العرض ولا مانع منه وشاهده * (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) * وقيل العرض إنما هو على الأرواح لا الأشباح ورجح ابن حجر أن العرض يقع على الروح حقيقة وعلى ما يتصل به من البدن (بالغداوة والعشي) أي وقتهما (إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار) أي إن كان من أهل الجنة فمقعده من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه وإن كان من أهل النار فمقعده من مقاعد أهل النار يعرض عليه فليس الجزاء والشرط متحدين معنى بل لفظا ولا ضير فيه بل يدل على الفخامة (ثم يقال له من قبل الله) أي يأمر الله الملك أو من شاء من خلقه يقول له ذلك (هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه) أي إلى ذلك المقعد (يوم القيامة) أي لا تصل إليه إلا بعد البعث ويحتمل رجوع الضمير إلى الله. كذا قرره التوربشتي وقال الطيبي: يجوز كون معناه فمن كان من أهل الجنة فيبشر بما لا يكنه كنهه ولا يقدر قدره، وإن كان من أهل النار فبالعكس لأن هذا القول طليعة تباشير السعادة الكبرى. ومقدمة بتاريخ الشقاوة، لأن الشرط والجزاء إذا اتحدا دل الجزاء على الفخامة قال: والضمير في إليه يرجع إلى المقعد، فالمعنى هذا مقعد يستقر فيه حتى يبعث إلى مثله من الجنة أو نار، كقوله تعالى * (هذا الذي رزقنا من قبل) * أي مثل الذي أو يرجع إلى الله أو إلى لقاء الله أو إلى المحشر أي هذا الآن مقعده إلى يوم المحشر فترى عند ذلك كرامة أو هوانا تنشئ عنده هذا المقعد، وفيه إثبات عذاب القبر، لأن عرض مقعده من النار عليه نوع عظيم من العذاب (ق ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب.
852 - (إذا مات صاحبكم) أي المؤمن الذي كنتم تصاحبونه لقرابة أو صهارة أو جوار أو صدقة أو نحوها (فدعوه) اتركوه من الكلام فيه بما يؤذيه لو كان حيا ولما كان الترك قد لا يستلزم ترك الوقيعة قال (ولا تقعوا فيه) أي لا تتكلموا في عرضه بسوء ولا تتكلموا بعده بشئ من أخلاقه الذميمة فإنه قد أفضى إلى ما قدم. وغيبة الميت أفظع من غيبة الحي لأنه يرجى استحلاله بخلاف وزعم أن المراد اتركوا محبته بعد موته ولا تقلقوا قلوبكم به بأن تجلوا المصيبة والبكاء عليه والتعزية بعيد من السياق، وقد ورد في عدة أخبار الكف عن مساوئ الأموات مطلقا فتخصيص الصاحب للاهتمام
(٥٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة