فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٦٠
اسأله (أن يستغفر لك) بأن يقول أستغفر الله لي ولك والأولى كون ذلك (قبل أن يدخل بيته) أي محل سكنه فإنه إذا دخل انهمك غالبا في اللذات ونيل الشهوات (فإنه مغفور له) الصغائر والكبائر إلا التبعات إذا كان حجه مبرورا كما قيده في عدة أخبار فتلقي الحاج والسلام عليه وطلب الدعاء منه مندوب ولقاء الأحباب لقاح الألباب وأخبار تلك الديار أحلى من الأسمار وقدوم الحاج يذكر بالقدوم على الله تعالى، وظاهر الحديث أن طلب الاستغفار منه مؤقت بما قبل الدخول فإن دخل فات لكن في الإحياء عن عمر أن ذلك يمتد بقية الحجة والمحرم وصفر وعشرين من ربيع الأول انتهى وعليه فينزل الحديث على الأولوية فالأولى طلب ذلك منه حال دخوله فلعله يخلط أو يلهو. (تنبيه) قال الإمام الرازي: الحكمة في طلب السلام عند التلاقي والمكاتبة دون غيرهما أن تحية السلام طلبت عندما ذكر لأنها أول أسباب الألفة، ولا السلامة التي تضمنها السلام هي أقصى الأماني فتنبسط النفس عند الاطلاع عليه أي بسط وتتفاءل به أحسن فأل، قال وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن مع تضمن تحية السلام للتواضع وتجنب الكبر مع التأنيس للوحشة واستمالة القلب وسكون النفس للآتي بها فنفتح أبواب المودة وتتألف القلوب (تتمة) قال العراقي: الخروج المندوب لتلقي الغائب وتشييع المسافر من نحو حاج وغاز لا يختص بحال ولا بمسافة بل هو بحسب العوائد واختصاص المتلقي والمشيع بمن يتلقاه أو يشيعه (حم عن ابن عمر) رمز لحسنه وليس كما قال فقيه محمد بن عبد الرحمن السلماني ضعفوه وممن جزم بضعفه الحافظ الهيتمي.
848 - (إذا لم يبارك للرجل) يعني الإنسان (في ماله جعله في الماء والطين) أي في البنيان بهما، وسبق أن هذا في غير ما فيه قربة وفيما عدا ما لا بد منه (هب عن أبي هريرة) وفيه عبد الأعلى بن أبي المقاور تركه أبو داود 849 - (إذا مات الميت) من باب المجاز باعتبار ما يؤول إليه. إذا الميت لا يموت بل الحي. قال الزمخشري في خبر " فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة " وسمي المشارف للمرض والضال مريضا وضالة تجوزا وعليه يسمى المشارف للموت ميتا (تقول الملائكة) الذين يمشون مع الجنازة أي يقول بعضهم لبعض (ما قدم) من الأعمال الصالحة أهو صالح فنستغفر له أم لا؟ أو هو تعجب لا استفهام أي ما أكثر ما لزمه من العمل الصالح أو غيره (ويقول الناس) بعضهم لبعض (ما خلف) بشد اللام من التركة الموروثة عنه فالقصد به بيان أن اهتمام الملائكة إنما هو بشأن الأعمال واهتمام الورثة بما تركه ليورث عنه، وفيه رد على بعض الفرق الضالة الزاعمين أن الموت عدم محض وفناء صرف، كذبوا والله بل هو انتقال من دار إلى دار، وتغيير من حال إلى حال (هب عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن سليمان الجعفي، قال النسائي ليس بثقة وعبد الرحمن المحاربي له مناكير.
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة