فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٩٤
فأطلق هنا على الحكم تسمية للشئ باسم جزئه بدلالة التضمن (بالشبهات) بضمتين جمع شبهة بالضم وهي كما في القاموس الإلباس. وقال الزمخشري: تشابهت الأمور واشتبهت التبست لاشتباه بعضها ببعض وشبه عليه الأمر لبس عليه (وأقيلوا الكرام) أي خيار الناس ووجوههم نسبا وحسبا وعلما ودينا وصلاحا (عثراتهم) أي زلاتهم بأن لا تعاقبوهم عليها ولا تؤاخذوهم بها، يقال للعثرة زلة لأن العثور السقوط والزلة سقوط في الإثم. قال الزمخشري: من المجاز أقال الله عثرتك وعثر على كذا اطلع عليه وأعثره عليه أطلعه وأعثر به عند السلطان قدح فيه وطلب توريطه (إلا في حد من حدود الله) فإنه لا يجوز إقالتهم فيه إذا بلغ الإمام وثبت عنده وخلى عن الشبهة ولم يجد إلى دفعه عنه سبيلا وطلب منه إقامته فيما يتوقف على الطلب وزاد قوله من حدود الله تفخيما وتأكيدا فلا مفهوم له (عد) قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي خرجه أبو أحمد بن عدي (في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة) من رواية ابن لهيعة (عن ابن عباس) قال الحافظ ابن حجر في تخريج المختصر وهذا الإسناد إن كان من بين ابن عدي وابن لهيعة مقبول فهو حسن وذكر البيهقي في المعرفة أنه جاء من حديث علي مرفوعا وذكر التاج السكي في شرح المختصر أن أبا محمد الحارثي ذكره في مسند أبي حنيفة من حديث ابن عباس ووهم من أخذ كلامه فنسبه إلى أبي محمد الدارمي فكأنه تحرف عليه انتهى (وروى صدره) فقط وهو قوله ادرؤوا الحدود بالشبهات (أبو مسلم الكجي) بفتح الكاف وشد الجيم نسبة إلى الكج وهو الجص لقب به لأه كان كثيرا ما يبني به (وابن السمعاني) أي وروى صدره فقط ابن السمعاني (في الذيل) أي ذيل تاريخ بغداد (عن) أبي حفص (عمر بن عبد العزيز) بن مروان بن الحكم أمير المؤمنين الخليفة العادل الراشد المجمع على وفور فضله وعقله وعلمه وورعه وزهده وعدله (مرسلا) قال ابن حجر: وفي سنده من لا يعرف وفيه قصة (ومسدد) بضم الميم وفتح المهملة وشد المهملة ابن مسرهد البصري ثقة حافظ (في مسنده) الذي هو أول مسند صنف في البصرة قيل اسمه عبد الملك ومسدد لقبه (عن) عبد الله (بن مسعود موقوفا) بلفظ ادرؤوا الحدود بالشبهة بلفظ الإفراد. وقال ابن حجر في شرح المختصر وهو موقوف حسن الإسناد انتهى. وبه يرد قول السخاوي طرقه كلها ضعيفة، نعم أطلق الذهبي على الحديث الضعف ولعل مراده المرفوع.
315 - (ادرؤا الحدود) جمع حد قال الراغب: سميت العقوبة حدا لكونه يمنع الفاعل من المعاودة أو لكونها مقدرة من الشارع أو الإشارة إلى المنع ولذا سمي البواب حدادا قال وتطلق الحدود ويراد بها المعاصي كقوله تعالى * (تلك حدود الله فلا تقربوها) * وعلى فعل فيه شئ مقدر ومنه * (ومن يتعد حدود الله) * وكأنها لما فصلت بين الحلال والحرام سميت حدود
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة