فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
ثلاثة دراهم وخبر البيهقي عن عمر قيل لعائشة ما ثمن المجن قالت: ربع دينار وقال ابن عبد البر:
هذا أصح حديث في الباب، قال ابن حجر: ويجمع بأنه قال أولا لا قطع فيما دون العشرة ثم شرع القطع في الثلاثة فما فوقها فزيد في تغليظ الحد كما زيد في تغليظ حد الخمر وأما سائر الروايات فليس فيها إلا الإخبار عن فعل وقع في عهده وليس فيه تحديد النصاب فلا ينافي رواية ابن عمر أنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وهو مع كونه حكاية فعل لا يخالف حديث عائشة أن قيمته ربع الدينار فإن ربع الدينار صرف ثلاثة دراهم وليس المراد به مجنا بعينه بل الجنس وأن القطع كان يقع في كل شئ يبلغ قدر ثمن المجن فيكون نصابا ولا يقطع فيما دونه وقد أخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان السارق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ثمن المجن وكان يومئذ ذا ثمن ولم يكن يقطع في الشئ التافه وقد قال في رواية الطحاوي أيضا وغيره بدل ثمن قيمة وقيمة الشئ ما تنتهي إليه الرغبة فيه والثمن ما يقابل به المبيع عند البيع. قال ابن دقيق العيد: القيمة والثمن قد يختلفان والمعتبر القيمة ولعل التعبير بالثمن لكونه صادف القيمة في ذلك الوقت أو باعتبار الغلبة والجمع بين مختلف الروايات في ثمن المجن ممكن بالحمل على اختلاف الثمن والقيمة أو على تعدد المجان التي قطع فيها أو اعتماد الشافعي رحمه الله تعالى على حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنه لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا قال وهذا صريح في الحصر وسائر الأخبار حكاية فعل لا عموم لها وأما خبر لعن الله السارق يسرق البيضة فيقطع ويسرق الحبل فيقطع فإنه وإن احتمل السفت كما قيل أقل ذلك القليل بهذا الحديث ونحوه (تنبيه) قال المازري وغيره وقد صان الله تعالى الأموال بإيجاب قطع سارقها وخص السرقة لقلة ما عداها بالنسبة إليها من نحو نهب وغصب ولسهولة إقامة البينة عليها بخلاف السرقة وشدد العقوبة فيها لتكون أبلغ في الزجر ولم يجعل دية الجناية على العضو المقطوع منها بقدر ما يقطع فيه حماية لليد ثم لما خانت هانت وفيه إشارة إلى الرد على المعري في قوله:
يد بخمس مئين عسجد وديت * ما بالها قطعت في ربع دينار فأجابه القاضي عبد الوهاب بقوله:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها * ذل الخيانة، فافهم حكمة الباري وشرحه أن الدية لو كانت ربع دينار كثرت الجنايات على الأيدي. لو كان نصاب القطع خمسمائة دينار كثرت على الأموال فظهرت الحكمة من الجانبين وكان فيه صيانة على الطرفين. قال الزمخشري:
والدون يعبر به عن قلة المقدار وإنما استعير الأدنى وهو الأقرب للأقل لأن المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما من الأحياز وإذا بعدت كثر ذلك، والنطع كما في الفتح تأثير في الغير بالإبانة (الطحاوي طب عن أيمن الحبشي) ابن أم أيمن حاضنة المصطفى صلى الله عليه وسلم واسمها بركة رمز المصنف لحسنه. قال ابن حجر: هذا منقطع لأن أيمن إن كان هو ابن أم أيمن فلم يدركه عطاء ومجاهد لأنه استشهد يوم حنين وإن كان والد عبد الواحد أو ابن امرأة كعب فهو تابعي وبالثاني جزم الشافعي وأبو حاتم وغيرهما
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة