فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٢٠٢
(عليه كتاب الله) أي الحد الذي حده الله في كتابه والسنة من الكتاب فيجب على المكلف إذا ارتكب ما يوجب لله حدا الستر على نفسه والتوبة فإن أقر عند حاكم أقيم عليه الحد أو التعزير، وعلم من الحديث أن من واقع شيئا من المعاصي ينبغي أن يستتر وحينئذ فيمتنع التجسس عليه لأدائه إلى هتك الستر قال الغزالي: وحد الاستتار أن يغلق باب داره ويستتر بحيطانه قال فلا يجوز استراق السمع على داره ليسمع صوت الأوتار ولا الدخول عليه لرؤية المعصية إلا أن يظهر عليه ظهورا يعرفه من هو خارج الدار كصوت آلة اللهو والسكارى ولا يجوز أن يستنشق ليدرك رائحة الخمر ولا أن يستخبر جيرانه ليخبروه بما جرى في داره وقد أنشد في معناه:
لا تلتمس من مساوي الناس مستترا * فيكشف الله سترا عن مساويكا واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا * ولا تعب أحدا منهم بما فيكا (ك هق عن ابن عمر) بن الخطاب قال: قام المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد رجم الأسلمي فذكره قال ك على شرطهما وتعقبه الذهبي فقال غريب جدا لكنه في المهذب قال إسناده جيد وصححه ابن السكن وذكره الدارقطني في العلل وصحح إرساله وقول ابن عبد البر لا نعلمه بوجه قال ابن حجر مراده من حديث مالك ولما ذكر إمام الحرمين في النهاية هذا الحديث قال صحيح متفق عليه فتعجب منه ابن الصلاح وقال أوقعه فيه عدم إلمامه بصناعة الحديث الذي يفتقر إليها كل عالم.
176 - (اجتنبوا مجالس) أي مواضع جلوس (العشيرة) الرفقاء المتعاشرون. قال الزمخشري:
تقول هو عشيرك أي معاشرك أيديكما وأمركما واحد وزوج المرأة عشيرها أي لا تجلسوا في مجالس الجماعة الذين يجلسون للتحدث بالأمور الدنيوية لما يقع فيها من اللغو واللهو وقد يجر لإضاعة صلاة أو وقيعة أما مقاعد الخير كذكر وتعلم علو وتعليمه وقراءة قرآن وأمر بمعروف ونهي عن منكر فيتأكد لزومها ثم إطلاقه المجالس شامل لما كان على الطريق وغيره ففيه أنه يكره الجلوس في الشارع للحديث ونحوه إلا أن يعطيه حقه كغض البصر ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكف الأذى كترك الغيبة والنميمة وسوء الظن واحتقار المار وكون القاعد يهابه المارة ويتركون المرور لأجله ولا طريق سواه قال القرطبي في هذا الحديث إنكار للجلوس على الطرقات وزجر عنه لكن محله ما إذا لم يكن إليه حاجة كما قالوا في خبر مسلم ما لنا من ذلك بد لكن العلماء فهموا أن المنع ليس للتحريم بل إرشاد إلى المصالح (ص عن أبان) بفتح الهمزة والموحدة منصرف لأنه فعال كغزال وقيل هو أفعل فلا ينصرف لوزن الفعل مع العلمية (ابن عثمان) بن عفان (مرسلا) هو تابعي جليل. قال الذهبي: كان فقيها مجتهدا وكان أميرا على المدينة في زمن ابن عم أبيه عبد الملك بن مروان وعدول المؤلف لرواية إرساله واقتصاره عليها يوهم أنه لم يقف عليه مسندا متصلا وهو عجيب فقد خرجه مسلم في صحيحه من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن جده أبي طلحة الأنصاري الصحابي الكبير الشهير لكن بلفظ: اجتنبوا مجالس الصعدات. وزاد بيان السبب فقال: " كنا قعودا بالأقنية نتحدث إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم علينا فقال: ما لكم ولمجالس الصعدات اجتنبوا مجالس الصعدات. فقلنا: إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا لنتذاكر ونتحدث. قال: أما إذا فأدوا حقها: غض
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة