فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٠٠
الأعيان. وفيه أن الإنسان إذا وجد بعض الصيعان في الفطرة قدم نفسه وإن وجدها كلها لأن في تأخيرها غرر لاحتمال أن المال يتلف قبل إخراجها. وفيه أن الحقوق والفضائل إذا تزاحمت قدم الآكد وأن الأفضل في صدقة النفل تنويعها في وجوه البر بالمصلحة ولا يحصرها في جهة ونظر الإمام في مصلحة رعيته وأمرهم بما فيه مراشدهم والعمل بالإشارة وأنها قائمة مقام النطق إذا فهم المراد بها إلا أن الشافعية لم يكتفوا بإشارة الناطق إلا في الأمور الخفية لا كالعقود والفسوخ (ن عن جابر) بن عبد الله الأنصاري قال: " أعتق رجل عبدا له عن دبر فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنك مال غيره؟ قال: لا فقال: فمن يشتريه مني فاشتراه نعيم العدوي بثمانمائة درهم فجاء بها النبي صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه ثم ذكره وإسناده صحيح.
47 - (إبدأ) بكسرة الهمزة وفتح المهملة (بمن تعول) أي تمون يعني بمن تلزمك مؤنته من نفسك وزوجك وقريبك وذي روح ملكته فإن اجتمعوا وله ما ينفق على الكل لزمه وإلا قدم نفسه فزوجته فولده الصغير أو المجنون فأمه فأباه فولده المكلف فجده فأبا جده وإن علا ذكره الشافعي. قال السمهودي: والحديث وإن ورد في الإنفاق فالمحققون يستعملونه في أمور الآخرة كالعالم يبدأ بعياله في التعليم ويؤيده قوله تعالى: * (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) * الآية. وأخذ بعض الصوفية منه أنه يقصد بتعلم العلم نفسه أولا ثم المسلمين ثانيا: الأقرب فالأقرب. فلا يقصد نفع غيره إلا تبعا ليحوز أجر النية والعمل (وطب) والقضاعي (عن حكيم بن حزام) بفتح الحاء والزاي كذا ضبطه ابن رسلان ومن خطه نقلت لكن ضبطه ابن حجر كالكرماني بكسر أوله وهو الظاهر وهو ابن خويلد الأسدي من المؤلفة الأشراف الذين حسن إسلامهم، عاش مائة وعشرين سنة نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل فذكره، رمز المؤلف لصحته وليس كما قال فقد قال الهيتمي: فيه أبو صالح مولى حكيم ولم أجد من ترجمه.
48 - (إبدؤا) بكسر الهمزة أيها الأمة في أعمالكم القولية والفعلية (بما) أي بالشئ الذي (بدأ الله به) في التزيل فيجب عليكم الابتداء في السعي بالصفا لابتدائه به في قوله تعالى: * (إن الصفا والمروة) * وفيه وجوب السعي. قال الكمال ابن الهمام: ورد بصيغتي الخبر والأمر وهو يفيد الوجوب خصوصا مع ضم خبر: " خذوا عني مناسككم " انتهى. فهو عند الحنفية واجب و عند الشافعي ركن وهذا وإن ورد على سبب وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ثم سعى فبدأ بالصفا وقرأ * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) *. ثم ذكره فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقد كان الرسول يحافظ على تقديم كل مقدم فقدم غسل الوجه في الوضوء ثم فثم وزكاة الفطر على صلاة العيد تقديما للمقدم في آية: * (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) * (الأعلى: 14، 15) وبذلك اتضح استدلال الشافعية به على وجوب ترتيب الوضوء. وأخرج الحاكم عن ابن عباس وصححه: " أنه أتاه رجل فقال أأبدأ بالمروة قبل الصفا بالصفا؟ وأصلي قبل أن أطوف أو أطوف
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة