أو جمع بين عشاء وغداء حتى لحق بالله؟ فقالت: لا، فأقبل على عائشة فقال: هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب إليه طعام على مائدة في ارتفاع شبر من الأرض؟ كان يأمر بالطعام فيوضع على الأرض ويأمر بالمائدة فترفع، قالتا: اللهم نعم، فقال لهما: أنتما زوجتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين ولكما على المؤمنين حق وعلي خاصة ولكنا أتيتماني وترغباني في الدنيا وإني لاعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس جبة من الصوف فربما رق جلده من خشونتها! أتعلمان ذلك؟ قالتا: اللهم نعم، قال: فهل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقد على عباءة على طاقة واحدة؟ وكان مسحا (1) في بيتك يا عائشة يكون بالنهار بساطا وبالليل فراشا فندخل عليه فنرى أثر الحصير على جنبه، ألا يا حفصة! أنت حدثتيني أنك ثنيت له ذات ليلة فوجد لينها فرقد عليه فلم يستيقظ إلا بأذان بلال فقال لك:
يا حفصة! ماذا صنعت؟ أثنيت لي المهاد ليلتي حتى ذهب بي النوم إلى الصباح؟ ما لي وللدنيا وما للدنيا وما لي! شغلتموني لين الفراش!
يا حفصة! أما تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ أمسى جائعا ورقد ساجدا ولم يزل ركعا وساجدا