المسلك الثاني ما يدل عليه تفصيلا وهو أن فضيلة المرء على غيره إنما تكون بما له من الكمالات وقد اجتمع في علي منها ما تفرق في الصحابة وهي أمور الأول العلم وعلي أعلم الصحابة لأنه كان في غاية الذكاء والحرص على التعلم ومحمد صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأحرصهم على إرشاده وكان في صغره في حجره وفي كبره ختنا له يدخل عليه كل وقت وذلك يقتضي بلوغه في العلم كل مبلغ وأما أبو بكر فاتصل بخدمته في كبره وكان يصل إليه في اليوم مرة أو مرتين ولقوله صلى الله عليه وسلم (أقضاكم علي) والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم فلا يعارضه نحو (أفرضكم زيد وأقرؤكم أبي) ولقوله تعالى * (وتعيها أذن واعية) * وأكثر المفسرين على أنه علي ولأنه نهى عمر عن رجم من ولدت لستة أشهر وعن رجم الحاملة فقال عمر لولا علي لهلك عمر ولقول علي (لو كسرت لي الوسادة ثم جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم والله ما من آية نزلت في بر أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وفي أي شيء نزلت) ولأن عليا ذكر في خطبته من أسرار التوحيد والعدل والنبوة والقضاء والقدر ما لم يقع مثله في كلام الصحابة ولأن جميع الفرق ينتسبون إليه في الأصول والفروع وكذا المتصوفة في علم تصفية الباطن وابن عباس رئيس المفسرين تلميذه وكان في الفقه والفصاحة في الدرجة القصوى وعلم النحو إنما ظهر منه وهو الذي أمر أبا الأسود الدؤلي بتدوينه وكذا علم الشجاعة وممارسة الأسلحة وكذا علم الفتوة والأخلاق
(٦٢٧)