المتنازلة وأما المتصاعدة فقد تتخلص من الأبدان لصيرورتها كاملة كما مر وقد تتعلق ببعض الأجرام السماوية لبقاء حاجتها إلى الاستكمال ولا يخفى أن ذلك كله رجم بالظن بناء على قدم النفوس وتجردها الشرح المقصد الثالث في حكاية مذهب الحكماء المنكرين لحشر الأجساد في أمر المعاد الروحاني الذي هو عندهم عبارة عن مفارقة النفس عن بدنها واتصالها بالعالم العقلي الذي هو عالم المجردات وسعادتها وشقاوتها هناك بفضائلها النفسانية ورذائلها قالوا النفس الناطقة لا تقبل الفناء أي العدم بعد وجودها وذلك لأنها بسيطة لما مر في مباحث النفس وهي موجودة بالفعل فلو قبلت الفناء لكان للبسيط الذي هو النفس حال كونها موجودة فعل بالنسبة إلى وجودها وقوة أي قابلة بالنسبة إلى فنائها وفسادها وأنه محال لأن حصول أمرين متنافيين لا يكون إلا في محلين متغايرين وهو ينافي البساطة وتلخيصه أن الموجود بالفعل لا يكون هو بعينه متصفا بقابلية فنائه وفساده لأن القابل يجب بقاؤه مع حصول المقبول ولا بقاء لذلك الموجود مع الفناء والفساد فبين وجود شيء بالفعل وقابلية فنائه منافاة فلا يجتمعان في بسيط فلو اجتمعا في النفس الناطقة لكانت مركبة من جزئين يكون أحدهما قابلا لفسادهما بمنزلة المادة في الأجسام
(٤٨١)