الوجود الثاني امتناع ما هو أعم منه أو امتناع ذلك المغاير لجاز الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الوجوب الذاتي معللا بأن الوجود في زمان أخص من الوجود المطلق ومغاير للوجود في زمان آخر فجاز أن يكون ذلك الأخص ممتنعا والمطلق أو المغاير واجبا وفيه أي في التجويز الثاني اللازم للتجويز الأول مخالفة لبديهة العقل الحاكمة بأن الشيء الواحد يستحيل أن يقتضي لذاته عدمه في زمان ويقتضي وجوده لذاته في زمان آخر لأن اقتضاء الذات من حيث هي هي لا يتصور انفكاكه عنها وفيه غناء للحوادث عن المحدث لجواز أن تكون ممتنعة لذواتها في زمان كونها معدومة وواجبة لذواتها حال كونها موجودة فلا حاجة بها إلى صانع يحدثها بل ذواتها كافية في حدوثها وفيه سد لباب إثبات الصانع تعالى بالاستدلال عليه من مصنوعاته لما عرفت من استغناء الحوادث ويمكن في إثبات جواز الإعادة أن يقال الإعادة أهون من الابتداء كما ورد في الكلام المجيد * (وله المثل الأعلى) * لأنه أي ذلك المعدوم استفاد بالوجود الأول الذي كان قد اتصف به ملكه الاتصاف بالوجود فيقبل الوجود أسرع وأشار باقتباس قوله تعالى * (وله المثل الأعلى) * إلى أن تلك الأهونية إنما هي بالقياس إلى القدرة الحادثة التي تتفاوت مقدوراتها مقيسة إليها وأما القدرة القديمة فجميع مقدوراتها عندها على السوية لا يتصور هناك تفاوت بالأهونية والخصم يدعي الضرورة تارة ويلتجىء إلى الاستدلال أخرى أما الضرورة فقالوا تخلل العدم بين الشيء ونفسه محال بالضرورة إذ لا بد للتخلل من طرفين متغايرين فيكون حينئذ الوجود بعد العدم غير الوجود قبله حتى يتصور تخلل العدم بينهما وعلى هذا فلا يكون
(٤٧٠)